ما خلق الله هو النور الأحمدي صلىاللهعليهوآله ، لا العقل ، كما يستفاد من النقل ، كقوله صلىاللهعليهوآله : « أوّل ما خلق الله نوري » (١) لإمكان الجمع بإرجاع العقل إلى النقل لتكاثره البالغ إلى حدّ القطع ظاهرا ، فلا بدّ من التخصيص الموضوعي ؛ حذرا عن الاجتهاد في مقابل النصّ فإنّ المراد من العقل هو النور المحمّدي صلىاللهعليهوآله الاتّفاق وإلاّ فمجال المنع واسع.
المسألة الثانية : في النفس الناطقة.
قال : ( وأمّا النفس فهي كمال أوّل لجسم طبيعيّ آليّ ذي حياة بالقوّة ).
أقول : هذا هو البحث عن أحد أنواع الجوهر ، وهو البحث عن النفس الناطقة.
وقبل البحث عن أحكامها شرع في تعريفها.
اعلم أنّ النفس ـ كما يستفاد من كلمات القوم ـ جوهر مجرّد مفارق عن المادّة في ذاته دون فعله ، ويدبّر في البدن تدبير الملك المقتدر بالقدرة التامّة في مملكته ، ولهذا ورد : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » (٢) فإنّ النفس إذا أرادت من العين الانفتاح تنفتح من غير حاجة إلى كلام ، وكذا سائر الأعضاء والجوارح في آثارها بحيث إذا أرادت أمرا يكون ، فإذا عرف تسلّط الرئيس الممكن على مرءوسه على هذا المنوال ، عرف ربّه الواجب ذا الجلال ، وإن احتمل الحديث غير ذلك المعنى أيضا كالتعليق بالمحال.
وقد يطلق لفظ النفس على المادّي كالنفس الجمادية التي هي مبدأ حفظ التركيب ، والنفس النباتيّة التي هي مبدأ التغذية والتنمية والتوليد ونحوها ، والنفس
__________________
(١) « عوالي اللآلئ » ٤ : ٩٩ / ١٤٠ ؛ « بحار الأنوار » ١٥ : ٢٤ / ٤٤ ، و ٢٥ : ٢٢ / ٣٨.
(٢) ورد في « المناقب » للخوارزمي ، الفصل ٢٤ في جوامع كلامه : ٣٧٥ / ٣٩٥ ، و « نور الأبصار » : ١٦٦ عن عليّ عليهالسلام ، وفي « عوالي اللآلئ » ٤ : ١٠٣ / ١٤٩ ، و « بحار الأنوار » ٢ : ٣٢ / ٢٢ و « مصابيح الأنوار » ١ : ٢٠٤ / ٣٠ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.