وإن كان التعلّق على سبيل التعاقب لزم أن تتذكّر أحوال البدن السابق ولو أحيانا ، وهو أيضا باطل بالضرورة.
المسألة التاسعة : في أنّ النفس لا تفنى بفناء البدن.
قال : ( ولا تفنى بفنائه ).
أقول : اختلف الناس هاهنا ، فالقائلون بجواز إعادة المعدوم جوّزوا فناء النفس مع فناء البدن. والمانعون هناك منعوا هنا.
أمّا الأوائل فقد اختلفوا أيضا ، فالمشهور أنّها لا تفنى (١).
وأمّا أصحابنا فإنّهم استدلّوا على امتناع فنائها بأنّ الإعادة واجبة على الله تعالى (٢) ـ على ما يأتي ـ ولو عدمت النفس لامتنعت إعادتها ؛ لما ثبت من امتناع إعادة المعدوم ، فيجب أن لا تفنى.
أمّا الأوائل فاستدلّوا بأنّها لو عدمت لكان إمكان عدمها محتاجا إلى محلّ مغاير لها (٣) ؛ لأنّ القابل يجب وجوده مع المقبول ، ولا يمكن وجود النفس مع العدم ، فذلك المحلّ هو المادّة ، فتكون النفس مادّيّة فتكون مركّبة ، وهذا خلف ، على أنّ تلك المادّة يستحيل عدمها ؛ لاستحالة التسلسل.
وهذه الحجّة ضعيفة ؛ لأنّها مبنيّة على ثبوت الإمكان واحتياجه إلى المحلّ الوجودي ، وهو ممنوع.
سلّمنا ، ولكنّه ينتقض بالجواهر البسيطة ، فإنّها ممكنة ، ومعنى إمكانها قبولها للعدم ، فتكون مادّيّة.
__________________
(١) انظر : « الشفاء » كتاب النفس ٢ : ٢٠٢ ؛ « النجاة » : ١٨٥ ـ ١٨٦ ؛ « المطالب العالية » ٧ : ٢٢١ وما بعدها ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٣٣١ ـ ٣٣٢.
(٢) انظر : « كشف المراد » : ١٩٠.
(٣) انظر : « المطالب العالية » ٧ : ٢١١ وما بعدها ؛ « المحصّل » : ٥٤٩ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٣٣١ ـ ٣٣٢.