قال : ( فللغاذية الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة ).
أقول : القوّة الغاذية يتوقّف فعلها على أربع قوى ليتمّ الاغتذاء ، وهي الجاذبة للغذاء ، والماسكة له لتهضمه الهاضمة ، والهاضمة وهي التي تحيل الغذاء الذي جذبته الجاذبة وأمسكته الماسكة إلى حال يستعدّ بها لأن تجعله الغاذية جزءا بالفعل من المتغذّي. وابتداء الهضم في الفم ؛ ولهذا كانت الحنطة الممضوغة ـ مثلا ـ تؤثّر في نضج الدماميل ، ثمّ في المعدة بصيرورته كيلوسا وجوهرا شبيها بماء الكشك الثخين ولو بمخالطة الرطوبة الداخلة ، كما في الحيوان الآكل للحجر ، ثمّ في الماساريق والكبد بصيرورته كيموسا مستحيلا إلى الأخلاط ، ثمّ في العروق ، ثمّ في الأعضاء. وحيث يفضل من الغذاء ما يوجب ثقل البدن وفساده ـ بل بعضه لا يقبل الاستحالة إلى ما يناسب المتخلّل ـ احتيج إلى الدافعة للفضلات.
قال : ( وقد تتضاعف هذه لبعض الأعضاء ).
أقول : قد تتضاعف هذه القوى لبعض الأعضاء كالمعدة ؛ فإنّ فيها التي تجذب غذاء كلّية البدن ، والتي تمسكه هناك ، والتي تغيّره إلى ما يصلح لأن يصير دما ، والتي تدفعه إلى الكبد. وفيها أيضا قوّة جاذبة لما تغتذي به المعدة خاصّة وقوّة ماسكة وقوّة هاضمة وقوّة دافعة ، فتلك القوى في المعدة مضاعفة ؛ فإنّها قد تكون لنفسها ، وقد تكون لغيرها ، فتأمّل.
قال : ( والنموّ مغاير للسمن ).
أقول : النموّ هو زيادة في الجسم بسبب اتّصال جسم آخر به من نوعه ، وتكون [ الزيادة ] (١) تداخله في أجزاء المزيد عليه ، وهو مغاير للسمن ؛ لتحقّق النموّ بدون السمن في الصبيّ المهزول. وعكسه في بعض الشيوخ ؛ فإنّ الأجزاء الأصليّة قد جفّت وصلبت ، فلا يقوى الغذاء على تفريقها ، فلا يتحقّق النموّ. وكذلك الذبول مغاير للهزال.
__________________
(١) الإضافة أثبتناها من « كشف المراد » : ١٩٤.