قال : ( والمتخيّلة المركّبة للصور والمعاني بعضها مع بعض ).
أقول : هذه هي القوّة الخامسة المسمّاة بالمتخيّلة باعتبار استعمال الحسّ لها والمتفكّرة باعتبار استعمال العقل لها ، وهي تركّب بعض الصور مع بعض ، كما تركّب صور جذع عليه رأس إنسان ، وتركّب بعض الصور مع بعض المعاني ، وتفصل بعض الصور عن بعض ، وكذا المعاني.
ويدلّ على مغايرتها لما تقدّم صدور هذا الفعل عنها دون غيرها من القوى ؛ لامتناع صدور أكثر من واحد عن قوّة واحدة ، فتأمّل.
اعلم أنّ الحيوان كما أنّ له القوّة المدركة كذلك له القوّة المحرّكة ؛ ولهذا يجعل فصله الحسّ والحركة بالإرادة. والقوّة المحرّكة باعثة وفاعلة ، والباعثة تسمى شوقيّة تحمل الفاعلة على تحريك الأعضاء إلى المطلوب بزعمها وإن كان ضارّا في نفس الأمر ، وحينئذ تسمّى قوّة شهويّة. وإن حملت على التحريك لدفع المبغوض كذلك تسمّى غضبيّة.
وأمّا الفاعلة فهي التي تعدّ العضلات بقبضها وبسطها ونحو ذلك على التحريك.