المتّصل والمنفصل ـ لأوّلهما الذي هو الكمّ المتّصل. ويعرض الكمّ العرضي ـ الذي هو ثاني القسمين في التقسيم الثاني ـ لأوّلهما الذي هو الكمّ الذاتي ؛ فإنّ الجسم التعليمي قد يعرض له الانقسام ، فيعرض له التّعدد ، فيصير معدودا قد عرض له النوع الثاني من الكمّ وهو المنفصل ، وكذا الزمان يقسّم إلى الساعات والشهور والأيّام والأعوام فيحصل له العدد.
وأيضا الزمان متّصل بذاته ويعرض له التقدير بالمسافة أيضا ، كما يقال : زمان حركة فرسخ.
وقد يعرض الكمّ المنفصل للكمّ المنفصل ، كما في قولنا : خمس عشرات ، فيصير المنفصل بالذات منفصلا بالعرض ، ولا استحالة في ذلك ؛ للتغاير بين العارض والمعروض ولو بالشخص.
فظهر معنى قوله : « ويعرض ثاني القسمين فيهما لأوّلهما ».
قال : ( وفي حصول المنافي وعدم الشرط دلالة على انتفاء الضدّيّة ).
أقول : يريد أنّ الكمّ لا تضادّ فيه. والدليل عليه وجهان :
أحدهما : أنّ المنافي للضدّيّة حاصل للكمّ ، فلا تكون الضدّيّة موجودة فيه.
بيانه : أنّ أنواع الكمّ المنفصل متقوّم بعضها ببعض ، فأحد النوعين إمّا مقوّم لصاحبه أو متقوّم به ، ويستحيل تقوّم أحد الضدّين بالآخر.
وأمّا المتّصل فلأنّ أحد النوعين إمّا قابل للآخر كالسطح للخطّ أو الجسم للسطح ، أو مقبول له ، كالعكس ، والضدّ لا يكون قابلا لضدّه ولا مقبولا له ، فحصول التقويم والقابليّة المنافيين للضدّيّة يقتضي انتفاء الضدّيّة.
الثاني : أنّ الشرط في التضادّ مفقود في الكمّ فلا تضادّ فيه.
بيانه : أنّ للتضادّ شرطين : أحدهما اتّحاد الموضوع. الثاني : أن يكون بينهما غاية التباعد. وهما منتفيان هنا.
أمّا عدم اتّحاد الموضوع في العدد فإنّه ليس لشيء من العددين موضوع قريب