الخارج ماهيّة يقال لها : إنّها تناه أو عدم تناه ، بل إنّما يعقلان عارضين لغيرهما في الذهن ، فيكونان من المعقولات الثانية.
[ الثاني : الكيف ]
قال : ( الثاني : الكيف ، ويرسم بقيود عدميّة تخصّه جملتها بالاجتماع ).
أقول : لمّا فرغ من البحث عن الكمّ شرع في البحث عن الكيف ، وهو الثاني من الأعراض التسعة. وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في رسمه.
اعلم أنّ الأجناس العالية لا يمكن تحديدها لبساطتها ، بل ترسم برسوم أعرف منها عند العقل. والرسم إنّما يتألّف من خواصّ الشيء وعوارضه.
ولمّا كانت العوارض قد تكون عامّة وقد تكون خاصّة ، والعامّ لا يفيد التميّز الذي هو أقلّ مراتب التعريف ، لم تصلح العوارض العامّة للتعريف إلاّ إذا اختصّت بالاجتماع بالماهيّة المرسومة ، وهي الخاصّة المركّبة ، كما يقال في تعريف الخفّاش : إنّه الطائر الولود.
ولمّا لم يوجد لهذا الجنس خاصّة عند تصوّره توصّلوا إلى تعريفه بعوارض عدميّة ، كلّ واحد منها أعمّ منه لكنّها باجتماعها خاصّة ، فقالوا في تعريفه : إنّه هيئة قارّة لا يتوقّف تصوّرها على تصوّر غيرها ، ولا تقتضي القسمة واللاقسمة في محلّها اقتضاء أوّليّا (١).
فقولنا : « هيئة » يشمل جميع الأعراض التسعة ، ويخرج عنها الجوهر.
وقولنا : « قارّة » يخرج عنه الحركة وما ليس بقارّ من الأعراض. وقولنا :
__________________
(١) « الشفاء » المنطق ١ : ١٧١ ، الفصل الأوّل من المقالة الخامسة ؛ « البصائر النصيرية » : ٣١ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٣٧٢ ـ ٣٧٩ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٢٣٠.