والاستقامة للخطّ ـ مثلا ـ وغيرهما. (١)
المسألة الثالثة : في البحث عن المحسوسات.
قال : ( فالمحسوسات إمّا انفعاليّات أو انفعالات ).
أقول : الكيفيّات المحسوسة إن كانت راسخة عسرة الزوال ـ كحلاوة العسل ـ سمّيت انفعاليّات ؛ لانفعال الحواسّ عنها ، ولكونها تابعة للمزاج الحاصل من انفعال العناصر. وإن كانت غير راسخة بل سريعة الزوال ـ كحمرة الخجل ـ سمّيت انفعالات ، وهي وإن لم تكن في أنفسها انفعالات لكنّها لقصر مدّتها وسرعة زوالها كأنّها تنفعل ، فسمّيت بها تمييزا لها عن الكيفيّات الراسخة.
المسألة الرابعة : في مغايرة الكيفيّات للأشكال والأمزجة.
قال : ( وهي مغايرة للأشكال ؛ لاختلافها في الحمل ).
أقول : ذهب قوم (٢) من القدماء إلى أنّ هذه الكيفيّات نفس الأشكال ؛ قالوا : الأجسام تنتهي في التحليل إلى أجزاء صغار تقبل القسمة الوهميّة لا الانفكاكيّة الفعليّة.
وتلك الأجزاء مختلفة في الأشكال ، فالتي يحيط بها أربعة مثلّثات تكون مفرّقة لاتّصال العضو ، فيحسّ منها بالحرارة ، والتي يحيط بها ستّة مربّعات تكون غليظة غير نافذة ، فيحسّ منها بالبرودة.
والذي يقطع العضو إلى أجزاء صغار ويكون شديد النفوذ فيه هو المحرق الحرّيف (٣) ، والجزء الملاقي لذلك التقطيع هو الحلو ، والجزء الذي ينفصل منه شعاع مفرّق للبصر هو الأبيض ، والذي ينفصل منه شعاع جامع وقابض للبصر هو الأسود ،
__________________
(١) كالمثلّثيّة والمربّعيّة للسطح ، والفرديّة للعدد. ( منه رحمهالله ).
(٢) كما حكي عن أصحاب ذيمقراطيس. ( منه رحمهالله ).
(٣) الحرّيف : كلّ طعام يحرق فم آكله بحرارة مذاقه. كذا في « لسان العرب » ٣ : ١٣٠ ـ ١٣١ ، « حرف ».