قال : ( وتتولّد عنه أشياء بعضها لذاته من غير شرط ، وبعضها بشرط ، وبعضها لا لذاته ).
أقول : قسّم المتكلّمون الاعتماد بالنسبة إلى ما يتولّد عنه إلى أقسام ثلاثة (١) :
أحدها : ما يتولّد عنه لذاته من غير حاجة إلى شرط ـ وإن كان قد يحتاج إليه أحيانا ـ وهو الأكوان ، يعني الحركة والسكون والاجتماع والافتراق ؛ فإنّها متولّدة عن الميل بلا واسطة ولا بشرط ؛ لأنّ تحرّك الجسم مختصّ بجهة دون أخرى حال حركته ، فلا بدّ من مخصّص لتلك الجهة ، وهو الاعتماد.
وثانيها : ما يتولّد عنه بشرط ولا يصحّ بدونه وهو الأصوات ، فإنّها تتولّد عنه بشرط المصاكّة ؛ لأنّ الصدى موجود في غير محلّ القدرة ، وما يتعدّى محلّ القدرة لا يولّده الاعتماد ، وإن كان ما يتعدّى محلّ القدرة يتولّد عن الاعتماد فيما يحلّ محلّها.
وثالثها : ما يتولّد عنه لا بنفسه بل بتوسّط غيره وهو الألم ؛ فإنّ الاعتماد يولّد التفريق ، والتفريق يولّد الألم.
المسألة السادسة : في البحث عن المبصرات.
قال : ( ومنها أوائل المبصرات وهي اللون والضوء ).
أقول : من الكيفيّات المحسوسة المبصرات.
وقد نبّه بقوله : « أوائل المبصرات » على أنّ من المبصرات ما يتناوله الحسّ البصري أوّلا وبالذات ، وهو ما ذكره هنا من اللون والضوء ، فلا بدّ من جعل إفراد الضمير وتذكيره باعتبار « البعض » المستفاد من كلمة « من » أو « ما يدرك أوّلا ».
ومنها : ما يتناوله بواسطته كغيرهما من المرئيّات ؛ فإنّ البصر إنّما يدركها بواسطة هذين. وهذا كما قال سابقا : « ومنها : أوائل الملموسات » فإنّ فيه تنبيها على أنّ هناك
__________________
(١) ذكر العلاّمة الحلّي هذه الأقسام الثلاثة في « مناهج اليقين » : ٧١ ـ ٧٢ ، وأمّا في « شرح المواقف » ٥ : ٢٢٥ ـ ٢٢٨ و « شرح المقاصد » ٢ : ٢٤٢ ـ ٢٤٤ فالمذكور هو القسم الأوّل فقط.