مشاهدة القريب منها ليلا ، وليس كذلك.
وهو خطأ ؛ لأنّا نقول : إنّما لم تحصل الرؤية ؛ لعدم الشرط وهو الضوء ، لا لانتفاء المرئيّ في نفسه ، فالحصر ممنوع ؛ فإنّ عدم الرؤية قد يكون لعدم الشرط.
مضافا إلى أنّ الظلمة القائمة بالمرئيّ مانعة لا بالرائي ، كما في المثال الذي ذكره.
وأيضا لو كان الأمر كما ذكره لزم وجود اللون وعدمه في زمان واحد إذا تحقّق ضوء ضعيف يدرك به حديد البصر دون ضعيف البصر.
ونبّه المصنّف رحمهالله على ذلك بقوله : « وهو » أي اللون « يتوقّف على الثاني » أي الضوء « في الإدراك لا الوجود ».
قال : ( وهما متغايران حسّا ).
أقول : يريد أنّ اللون والضوء متغايران ، خلافا لقوم غير محقّقين ؛ فإنّهم ذهبوا إلى أنّ الضوء هو اللون ، قالوا : لأنّ الظهور المطلق هو الضوء ، والخفاء المطلق هو الظلمة ، والمتوسّط بينهما هو الظلّ (١).
والحسّ يدلّ على المغايرة ؛ فإنّ الضوء قائم بالهواء المحيط ، واللون قائم بالمحاط.
وعدم ظهور الضوء الضعيف كضوء القمر في الضوء القويّ كضوء الشمس ـ مع أنّه لاستهلاكه بالاختلاط ـ لا يقتضي اتّحاد الضوء واللون ، كما لا يخفى على من له نار أو نور.
قال : ( قابلان للشدّة والضعف ، المتباينان (٢) نوعا ).
أقول : كلّ واحد من هذين ـ أعني اللون والضوء ـ قابل للشدّة والضعف ، وهو
__________________
(١) انظر : « الشفاء » الطبيعيات ٢ : ٨٣ ، الفصل الثاني والثالث من المقالة الثالثة ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٤١١ ـ ٤١٤ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٥٤٤ ـ ٥٤٨ ؛ « شرح المواقف » ٥ : ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٢) كذا في الأصل ، والصحيح : « المتباينين » أو أن تكون لفظة « المتباينان » خبرا لمبتدإ محذوف تقديره « هما ».