المسألة الثامنة : في البحث عن المطعومات.
قال : ( ومنها المطعومات التسعة الحادثة من تفاعل الثلاثة (١) في مثلها (٢) ).
أقول : المشهور عند الأوائل (٣) أنّ الجسم إن كان عديم الطعم فهو التفه. وتعدّ التفاهة من الطعوم التسعة ، وإن كان ذا طعم لم ينفكّ عن أحد الطعوم الثمانية ، وهي : الحلاوة والحموضة والملوحة والحرافة والمرارة والعفوصة والقبض والدسومة.
وهذه الطعوم التسعة تحصل من تفاعل ثلاث كيفيّات ـ وهي : الحرارة والبرودة والكيفيّة المعتدلة ـ في مثلها في العدد ـ أعني ثلاث كيفيّات ـ لا مثلها في الحقيقة ، وهي الكثافة واللطافة والكيفيّة المعتدلة. فإنّ الحارّ إن فعل في الكثيف حدثت المرارة ، وفي اللطيف الحرافة ، وفي المعتدل الملوحة. والبارد إن فعل في الكثيف حدثت العفوصة ، وفي اللطيف الحموضة ، وفي المعتدل القبض. والمعتدل إن فعل في اللطيف حدثت الدسومة ، وفي الكثيف الحلاوة ، وفي المعتدل التفاهة.
وهي على قسمين : أحدهما : أن لا يكون له طعم أصلا بحسب الواقع ، والتفه بهذا المعنى يسمّى مسخا.
والثاني : أن يكون له طعم غير مدرك بالحسّ ؛ لشدّة الالتحام بين أجزائه بحيث لا يتحلّل منه شيء يخالط اللسان ، فلا يحسّ بطعمه إلاّ إذا احتيل في تحليل أجزائه وتلطيفها كالنحاس والحديد ، وهذا هو المعدود في الطعوم دون الأوّل.
المسألة التاسعة : في البحث عن المشمومات.
قال : ( ومنها المشمومات ، ولا أسماء لأنواعها إلاّ من حيث المخالفة والموافقة ).
__________________
(١) أي الحرارة والبرودة والكيفيّة المتوسّطة بينهما. ( منه رحمهالله ).
(٢) أي الكثيف واللطيف والمعتدل. ( منه رحمهالله ).
(٣) انظر : « الشفاء » ٢ : ٦٥ كتاب النفس ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٤٢٤ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٥٨٨ ؛ « شرح المواقف » ٥ : ٢٨٢ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٢٨٧.