وإنّما شرط في التصديق الجزم ؛ لأنّ الخالي منه ليس بعلم بهذا المعنى وإن كان يطلق عليه اسم العلم بالمجاز ، وإنّما هو الظن.
وشرطه عند المصنّف رحمهالله المطابقة ؛ لأنّ الخالي منها هو الجهل المركّب.
وشرطه الآخر الثبات ؛ لأنّ الخالي منه هو التقليد.
أمّا الجامع لهذه الصفات فهو العلم ، فتأمّل.
قال : ( ولا يحدّ ).
أقول : اختلف العقلاء في العلم.
فقال قوم (١) : إنّه لا يحدّ ؛ لظهوره ؛ فإنّ الكيفيّات الوجدانيّة لظهورها لا يمكن تحديدها ؛ لعدم انفكاكه عن تحديد الشيء بالأخفى ، والعلم منها ، ولأنّ غير العلم إنّما يعلم بالعلم ، ولو علم بغيره لزم الدور.
واعترض (٢) عليه : بأنّ معلومية غير العلم إنّما تكون بحصول علم جزئيّ متعلّق بذلك الغير ، لا بمعلوميّته ولا بمعلوميّة حقيقة العلم ، والموقوف على معلوميّة الغير هو معلوميّة حقيقة العلم ، لا حصول العلم الجزئيّ ، فلا يلزم الدور.
وقال آخرون : يحدّ (٣).
وقال بعضهم (٤) : إنّه اعتقاد أنّ الشيء كذا ، أو لا يكون إلاّ كذا.
وقال آخرون (٥) : إنّه اعتقاد يقتضي سكون النفس.
وكلاهما غير مانع.
قال : ( ويقتسمان الضرورة والاكتساب ).
__________________
(١) انظر : « المحصّل » : ٢٤٣ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٤٥٠ ـ ٤٥٣ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٣١٤ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ٦.
(٢) المعترض هو المحقّق الطوسي في « نقد المحصّل » : ١٥٥.
(٣) راجع « أصول الدين » : ٥ ـ ٦ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢ ؛ « التعريفات » : ١٩٩ / ٩٨٨.
(٤) نسبه في « أصول الدين » : ٥ إلى الكعبي وأبي عليّ الجبائي ، وفي « مناهج اليقين » : ٨٦ إلى الآخرين.
(٥) نسبه في « أصول الدين » إلى أبي هاشم ، وفي « مناهج اليقين » إلى الآخرين.