تحقّق الإضافة ؛ لكفاية التغاير الاعتباري فيها ؛ ولأنّ العالم هو الشخص والمعلوم هو الماهيّة الكلّيّة. كذا أجيب.
واعترض (١) على الجوابين عن الثاني بأنّهما دوريّان.
أمّا الأوّل : فلأنّ المغايرة بين العاقل من حيث إنّه عاقل والمعقول من حيث إنّه معقول متوقّفة على التعقّل ، فلو جعلنا التعقّل متوقّفا على هذا من حيث التغاير دار.
وفيه : أنّ العلم سبب الإضافة لا نفسها ، فلا يلزم الدور.
وأمّا الثاني : فلأنّ العالم هاهنا يكون عالما بجزئه ، وليس البحث فيه ، فتأمّل.
قال : ( وهو عرض لوجود حدّه فيه ).
أقول : ذهب المحقّقون (٢) إلى أنّ العلم عرض. وأكثر الناس كذلك في العلم بالعرض. واختلفوا في العلم بالجوهر.
فالذين قالوا : إنّ العلم إضافة بين العالم والمعلوم قالوا : إنّه عرض أيضا (٣).
والذين قالوا : إنّ العلم صورة اختلفوا ، فقال بعضهم (٤) : إنّه جوهر ؛ لأنّ حدّه صادق عليه ؛ إذ الصورة الذهنيّة ماهيّة إذا وجدت في الأعيان كانت لا في الموضوع ، وهذا معنى الجوهر.
والمحقّقون (٥) قالوا : إنّه عرض أيضا ؛ لوجود حدّ العرض فيه ، فإنّه موجود حالّ في النفس ، لا كجزء منها ، بل كقيام باقي الكيفيّات النفسانيّة ، وهذا معنى العرض.
واستدلال القائلين (٦) بأنّه جوهر خطأ ؛ لأنّ الصورة الذهنيّة يمتنع وجودها في
__________________
المرام » ٢ : ١٣ ؛ « مناهج اليقين » : ٨٧ ـ ٨٨ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٦ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٣٠٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٢.
(١) المعترض هو العلاّمة على ما في « كشف المراد » : ٢٢٩ و « مناهج اليقين » : ٨٨.
(٢) انظر : « المباحث المشرقيّة » ١ : ٤٥٨ ؛ « مناهج اليقين » : ٨٩ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ١٥٧ ـ ١٥٨ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٢.
(٣) انظر : « المباحث المشرقيّة » ١ : ٤٥٨ ؛ « مناهج اليقين » : ٨٩ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ١٥٧ ـ ١٥٨ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٢.
(٤) نسبه في « مناهج اليقين » : ٨٩ إلى قوم من الأوائل.
(٥) منهم العلاّمة في « مناهج اليقين » : ٨٩.
(٦) انظر : « مناهج اليقين » : ٨٩ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ١٥٩.