هي الإحساس بالحواسّ الظاهرة والباطنة على اختلافها ، والتمرّن عليها وتكرارها مرّة بعد أخرى ، فيتمّ الاستعداد لإفاضة العلوم البديهيّة الكلّيّة من التصوّرات والتصديقات بين كلّيّات تلك المحسوسات.
وأمّا النظريّة فإنّها مستفادة من النفس أو من الله تعالى ـ على اختلاف الآراء ـ لكن بواسطة الاستعداد بالعلوم البديهيّة.
أمّا في التصوّرات فبالحدّ والرسم.
وأمّا في التصديقات فبالقياسات المستندة إلى المقدّمات الضروريّة.
المسألة السادسة عشرة : في المناسبة بين العلم والإدراك.
قال : ( وباصطلاح يفارق الإدراك مفارقة الجنس النوع ، وباصطلاح آخر مفارقة النوعين ).
أقول : اعلم أنّ العلم يطلق على الإدراك للأمور الكلّيّة ، كاللون والطعم مطلقا.
ويطلق الإدراك على الحضور عند المدرك مطلقا ، فيكون شاملا للعلم والإدراك الجزئي ، أعني إدراك المدرك بالحسّ ، كهذا اللون وهذا الطعم ، ولا يطلق العلم على هذا النوع من الإدراك. ولذلك لا يصفون الحيوانات العجم بالعلم وإن وصفوها بالإدراك ، فيكون الفرق بين العلم والإدراك مطلقا ـ على هذا الاصطلاح ـ فرق ما بين النوع والجنس ، فإنّ العلم هو النوع ، والإدراك هو الجنس الشامل للأقسام الأربعة :
الإحساس الذي هو إدراك الشيء الموجود في المادّة الحاضرة عند المدرك مكفوفة بهيئات مخصوصة من الأين والكمّ والكيف وغيرها.
والتخيّل الذي هو إدراك ذلك الشيء مع تلك الهيئات في حال غيبته بعد حضوره.
والتوهّم الذي هو إدراك معان جزئيّة مخصوصة متعلّقة بالمحسوسات.