وأمّا العلم التامّ بالمعلول فهو لا يستلزم العلم بالعلّة على ما حكي (١) عن المشهور ؛ لأنّ معروضات العلّة ليست بملزومة للمعلول.
وقيل بالاستلزام (٢) ؛ لأنّ العلّة وملزوماتها من ملزومات المعلول.
ولا يخلو من قوّة كما لا يخفى.
وقد يقال (٣) : العلم بالعلّة يستلزم العلم بماهيّة المعلول وإنّيّته ، والعلم بالمعلول يستلزم العلم بإنّيّة العلّة.
وبالجملة ، فالواجب بالذات لمّا كان عالما بالعلم التامّ بذاته ـ التي هي العلّة التامّة للممكنات الخارجيّة والذهنيّة ، كلّ بحسبه ولو بواسطة معلوله ـ كان عالما في مقام العلم بالذات بجميع الممكنات حتّى المعدومات ، بل الممتنعات التي هي من الممكنات الذهنيّة ، ولذا يقال : إنّه عالم ولا معلوم والعلم ذاته.
المسألة الثامنة عشرة : في مراتب العلم.
قال : ( ومراتبه ثلاث ).
أقول : ذكر الشيخ أبو عليّ (٤) ـ على ما حكي (٥) ـ أنّ للتعقّل ثلاث مراتب :
الأولى : أن يكون بالقوّة المحضة ، وهو عدم التعقّل عمّا من شأنه ذلك ، كما في العقل الهيولاني.
الثانية : أن يكون بالفعل التامّ ، كما إذا علم الشيء علما تفصيليّا.
الثالثة : العلم بالشيء إجمالا ، كمن علم مسألة ثمّ غفل عنها ، ثمّ سئل عنها ، فإنّه
__________________
(١) الحاكي هو القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٥ ، ونسبه اللاهيجي إلى المشهور في « شوارق الإلهام » : ٤٢٣.
(٢) نسبه القوشجي إلى القيل في « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٥.
(٣) القائل هو المحقّق الطوسي في « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٣٠١.
(٤) « الشفاء » الطبيعيّات ٢ : ٢١٣ وما بعدها.
(٥) الحاكي هو العلاّمة في « كشف المراد » : ٢٣٣.