وعن جماعة أنّه ما يعرف به حسن المستحسنات وقبح المستقبحات (١).
وحكي تفسيره عن قوم (٢) بأنّه العلم بوجوب الواجبات واستحالة المستحيلات ؛ لامتناع انفكاك أحدهما عن الآخر.
وهو ضعيف ؛ لعدم الملازمة بين التلازم والاتّحاد.
قال : ( ويطلق على غيره بالاشتراك ).
أقول : لفظ « العقل » مشترك بين قوى النفس الإنسانيّة وبين الموجود المجرّد في ذاته وفعله معا عن المادّة ، ويندرج تحته عند الأوائل (٣) عقول عشرة سبق البحث فيها.
وأمّا القوى النفسانيّة ، فيقال : عقل علميّ ، وعقل عمليّ.
أمّا العلميّ : فأوّل مراتبه : الهيولاني ، وهو الذي من شأنه الاستعداد المحض من غير حصول علم ضروريّ أو كسبيّ.
وثانيها : العقل بالملكة ، وهو الذي استعدّ بحصول العلم الضروريّ لإدراك النظريّات ، فصار له بتلك الأوّليّات ملكة الانتقال إلى النظريّات.
وأعلى درجات هذه المرتبة ما يسمّى بالفطانة والذكاوة المستندة إلى القوّة القدسيّة ، وأدناها البلادة التي هي مرتبة البليد الذي ينسى (٤) أفكاره دون حصولها.
وبين هاتين الدرجتين درجات متفاوتة في القرب والبعد بحسب شدّة الاستعداد وضعفه.
وثالثها : العقل بالفعل ، وهو أن تكون النفس بحيث متى شاءت استحضرت
__________________
(١) هم المعتزلة على ما في « نهاية المرام » ٢ : ٢٢٦ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٤٧ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٢٥.
(٢) حكاه العلاّمة في « كشف المراد » : ٢٣٤ ، وفي « المحصّل » : ٢٥٠ و « نهاية المرام » ٢ : ٢٢٥ نسباه إلى المشهور.
(٣) انظر : « الشفاء » الإلهيّات : ٤٠٢ ـ ٤٠٩ ؛ « النجاة » : ٢٧٣ ـ ٢٨٠ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٣ : ١٤٨ وما بعدها ؛ « المطالب العالية » ٤ : ٣٨٠ ـ ٣٨٩ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٢٤٣ ـ ٢٦٣ ؛ « شرح الهداية الأثيرية » للميبدي : ١٨٨ ـ ١٩٣.
(٤) كذا في الأصل ، وفي « كشف المراد » : ٢٣٥ وردت هكذا : « تثبت » بدل « ينسى ».