العلوم النظريّة من العلوم الضروريّة ، لا على أنّها بالفعل موجودة.
ورابعها : العقل المستفاد ، وهو حصول تلك النظريّات بالفعل ، وهو آخر درجات كمال النفس في هذه القوّة.
وأمّا العمليّ : فيطلق على القوّة التي باعتبارها يحصل التميز بين الأمور الحسنة والقبيحة ، وعلى فعل الأمور الحسنة وترك القبيحة ، وقد أشرنا إلى بيان ذلك سابقا.
المسألة الحادية والعشرون : في الاعتقاد والظنّ وغيرهما.
قال : ( والاعتقاد يقال لأحد قسميه ).
أقول : المراد أنّ الاعتقاد يطلق على التصديق الذي هو أحد قسمي العلم ؛ وذلك لأنّا قد بيّنّا أنّ العلم يقال على التصوّر وعلى التصديق ؛ لأنّه جنس لهما ، والاعتقاد هو التصديق ، وهو قسم من قسمي العلم.
ولكن لا يخفى أنّ التصديق ـ الذي جعله المصنّف أحد قسمي العلم ـ كان مقيّدا بكونه جازما مطابقا ثابتا ـ أعني اليقين ، والاعتقاد يطلق على مطلق التصديق جازما كان أم لا ، مطابقا كان أم لا ، ثابتا كان أم لا.
نعم ، الإطلاق على المطلق يستلزم الإطلاق على المقيّد ؛ لوجود المطلق فيه ، بل قد يطلق الاعتقاد على خصوص اليقين كما قيل (١) ، ففيه اصطلاحات وله إطلاقات.
قال : ( فيتعاكسان في العموم والخصوص ).
أقول : هذا نتيجة ما مضى.
والذي نفهمه منه أنّ الاعتقاد قد ظهر أنّه يطلق على أحد قسمي العلم ، فهو أخصّ بهذا المعنى ؛ لأنّ العلم شامل للتصوّر والتصديق الذي هو الاعتقاد.
والاعتقاد ـ باعتبار آخر واصطلاح آخر ـ أعمّ من العلم ؛ لأنّه شامل للظنّ
__________________
(١) نسبه في « المطوّل » : ٣٩ إلى المشهور ، ونسبه القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٩ إلى القيل ، واللاهيجي في « شوارق الإلهام » : ٤٢٦ إلى غير المشهور.