والجهل المركّب واعتقاد المقلّد.
فهذا ما ظهر لنا من قوله : « فيتعاكسان » أي الاعتقاد والعلم « في العموم والخصوص » فباعتبار الاصطلاحين أو ما يؤدّي معناهما يتحقّق التعاكس.
وفيه : أنّ الاعتقاد باصطلاح آخر أيضا ليس أعمّ مطلقا من العلم الشامل للتصوّر والتصديق بل أعمّ من وجه ، وهو خلاف ظاهر التعاكس ؛ لكون العلم بأحد الاصطلاحين أعمّ مطلقا من الاعتقاد من غير أن يكون الاعتقاد أعمّ مطلقا باصطلاح آخر.
اللهمّ إلاّ أن يحمل العلم حينئذ على اليقين ، أو يكتفى بالعموم من وجه في التعاكس ، فتأمّل.
قال : ( ويقع فيه التضادّ بخلاف العلم ).
أقول : المراد أنّ الاعتقاد قد يقع فيه التضادّ بأن يتعلّق أحد الاعتقادين بإيجاب نسبة ، والآخر بسلبها بعينها ، فيكون التضادّ لتعلّقه بالإيجاب والسلب لا غير.
وأمّا العلم فلا يقع فيه تضادّ ؛ لوجوب المطابقة فيه ، والمطابق للواقع لا يكون إلاّ أحدهما ، فلا يتصوّر علمان تعلّق أحدهما بإيجاب نسبة والآخر بسلبها ؛ فإنّ غير المطابق لا يكون علما وإن أطلق عليه العلم قبل ظهور المخالفة لاعتقاد المطابقة ؛ وذلك لصحّة السلب بعد ظهور المخالفة ، فيقال : ما كان علما بل اعتقادا مخالفا.
قال : ( والسهو عدم ملكة العلم ، وقد يفرق بينه وبين النسيان ).
أقول : قد أفيد (١) أنّ هذا هو المشهور عند الأوائل والمتكلّمين.
وذهب الجبّائيان (٢) إلى أنّ السهو معنى يضادّ العلم.
__________________
(١) المفيد هو العلاّمة في « كشف المراد » : ٢٣٦.
(٢) نقله عنهما العلاّمة في « كشف المراد » : ٢٣٦ و « مناهج اليقين » : ٩٦ ، وفي « شرح المواقف » ٦ : ٢٧ نقله عن الآمدي.