وقد فرّق الأوائل (١) بينه وبين النسيان ، فقالوا : إنّ السهو زوال الصورة عن المدركة خاصّة ، دون الحافظة التي هي الخزانة ، والنسيان زوالها عنهما معا.
وعلى هذا فالسهو حالة متوسّطة بين التذكّر والنسيان ؛ إذ فيه زوال الصورة من وجه وبقاؤها من وجه ؛ ولهذا لا يحتاج إلى تجشّم كسب جديد بخلاف النسيان.
هذا بحسب الاصطلاح الخاصّ ، وإلاّ فظاهر العرف الترادف أو التساوي عموما أو خصوصا.
وكيف كان فالظاهر أنّ النسيان كالسهو عبارة عن المحو بعد حصول العلم ، لا مطلق عدم ملكة العلم ؛ ولهذا فيكون التقابل على وجه التضادّ.
قال : ( والشكّ تردّد الذهن بين الطرفين ).
أقول : الشكّ هو عدم الاعتقاد وتردّد الذهن بين طرفي النقيض على التساوي ، وليس معنى قائما بالنفس عند الأوائل وأبي هاشم (٢).
وقال أبو عليّ (٣) : إنّه معنى يضادّ العلم. واختاره البلخي (٤) ؛ لتجدّده بعد أن لم يكن.
وهو الأصحّ ؛ لظهور كونه حالة وجوديّة مضادّة للعلم.
قال : ( وقد يصحّ تعلّق كلّ من العلم والاعتقاد بنفسه وبالآخر ، فيتغاير الاعتبار لا التصوّر ).
أقول : اعلم أنّ العلم والاعتقاد من قبيل الإضافات يصحّ تعلّقهما بجميع الأشياء حتّى بأنفسهما ، فيصحّ تعلّق الاعتقاد بالاعتقاد وبالعلم ، وكذا العلم يتعلّق بنفسه وبالاعتقاد.
__________________
(١) نقله العلاّمة عن الأوائل في « كشف المراد » : ٢٣٦ ، وذكره في « شرح المواقف » ٦ : ٢٦ دون أن ينسبه لأحد ، وفي « كشّاف اصطلاحات الفنون » ١ : ٩٨٧ نسبه إلى البعض.
(٢) نقله عنهما العلاّمة في « كشف المراد » : ٢٣٧.
(٣) ذكره في « كشف المراد » : ٢٣٧ ونقل خلافه في « مناهج اليقين » : ٩٧.
(٤) انظر : « كشف المراد » : ٢٣٧.