بالمعرفة ضرورة.
الثانية : أنّ معرفة الله لا تتمّ إلاّ بالنظر ، وذلك قريب من الضرورة ؛ إذ المعرفة ليست ضروريّة قطعا ، فهي كسبية ولا كاسب سوى النظر ؛ إذ التقليد يستند إليه.
الثالثة : أنّ ما لا يتمّ الواجب المطلق إلاّ به فهو واجب ، وإلاّ لخرج الواجب المطلق عن كونه واجبا أو لزم التكليف بما لا يطاق ؛ لأنّ الشرط إذا لم يكن واجبا جاز تركه ، فحينئذ إمّا أن يجب على المكلّف المشروط أو لا ، والثاني يلزم منه خروجه عن كونه واجبا مطلقا. والأوّل يلزم منه التكليف بما لا يطاق ؛ إذ وجوب المشروط حال عدم الشرط إيجاب لغير المقدور ، وهو محال.
فإن قلت : مقتضى ما ذكر كون النظر واجبا توصّليّا من باب المقدّمة ، لا تأصّليّا وأصليّا من قبيل ذي المقدّمة.
قلت : مقدّمات الواجبات العقليّة واجبات عقليّة تأصّليّة ؛ لانتفاء التبعيّة.
نعم ، مقدّمات الواجبات النقليّة واجبات عقليّة توصّليّة ، لا تأصّليّة وأصليّة.
فثبت أنّ وجوب النظر عقليّ ، ولا يجب سمعا خاصّة.
الثاني (١) : أنّ النظر واجب بالاتّفاق ، فوجوبه إمّا عقلي أو نقلي. ولا سبيل إلى الثاني ؛ فإنّه لو كان واجبا شرعيا لما كان واجبا ، فيلزم من وجوبه عدمه ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ النظر إذا لم يجب إلاّ بالسمع لزم إفحام الأنبياء ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله إذا جاء إلى المكلّف وأمره باتّباعه ، لم يجب على المكلّف الامتثال حتّى يعلم صدقه ، ولا يعلم صدقه إلاّ بالنظر ، فإذا امتنع المكلّف من النظر حتّى يعرف وجوبه عليه ، لم يجب استناد الوجوب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ لعدم العلم بصدقه حينئذ ، ولا وجوب عقلي ، فينتفي الوجوب على تقدير القول بالوجوب السمعي.
__________________
(١) أي الوجه الثاني الذي استدلّ به المعتزلة على وجوب النظر عقلا.