واليقين ؛ لتوقّفها على أمور كلّها ظنّيّة : اللغة والنحو والتصريف ، وعدم الاشتراك والنقل والتخصيص والإضمار والنسخ والتقديم والتأخير والعارض العقلي.
والحقّ خلاف هذا بالقطع واليقين ؛ فإنّ كثيرا من الأدلّة اللفظيّة يعلم دلالتها على معانيها وما أريد منها قطعا ، وانتفاء هذه المفاسد عنها جزما ، كما في المتواتر والمتظافر.
قال : ( ويجب تأويله عند التعارض ).
أقول : إذا تعارض دليلان نقليّان أو دليل عقليّ ونقليّ ، وجب تأويل النقلي.
أمّا مع تعارض النقلين فظاهر ؛ لامتناع تناقض الأدلّة ، لكون حكم الله واحدا ، وكون المخبر معصوما يمتنع عليه الخطأ والافتراء ، فلا بدّ من تأويل أحدهما كما يؤوّل قوله عليهالسلام : « الماء يطهّر ولا يطهّر » (١) بأنّ الماء لا يطهّر من غير نوعه أو مع بقائه على حاله كسائر ما يقبل التطهير ؛ لتعارضه مع ما يدلّ على أنّ الماء الطاهر يطهّر كلّ شيء حتّى الماء النجس.
وأمّا مع تعارض العقلي والنقلي فكذلك ، كما في قوله : ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (٢) و ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (٣) لدلالة الأوّل على كونه تعالى ذا جارحة مخصوصة. والثاني على كونه تعالى جالسا وجسما ، وقد عارضهما الدليل العقلي الدالّ على استحالة التركّب والتجسّم ونحو ذلك في حقّه تعالى ، فتؤوّل اليد على القدرة ، والكون على العرش على الاستيلاء والسلطنة.
وإنّما خصّصنا النقلي بالتأويل ؛ لامتناع العمل بهما وإلغائهما ، والعمل بالنقلي
__________________
ونسب إلى القيل في « كشف المراد » : ٢٤٣ و « مناهج اليقين » : ١١٢ و « المواقف » المطبوع ضمن « شرح المواقف » ٢ : ٥١ ، ونسب إلى الأكثر في « شوارق الإلهام » ٢ : ٣٥.
ولمزيد الاطّلاع حول هذه المسألة راجع « المحصّل » : ١٤٠ ـ ١٤٣ ؛ « شرح المقاصد » ١ : ٢٨٢ ـ ٢٨٥.
(١) « الكافي » ١ : ١ / ١ من كتاب الطهارة ؛ « تهذيب الأحكام » ١ : ٢١٥ / ٦١٨ ؛ « الفقيه » ١ : ٥ / ٢.
(٢) الفتح (٤٨) : ١٠.
(٣) طه (٢٠) : ٥.