هذا باعتبار المادّة البعيدة ، وأمّا باعتبار المادّة القريبة فأقسام القياس خمسة :
البرهان ، والجدل ، والخطابة ، والسفسطة ، والشعر.
بيان ذلك : أنّ مقدّمات القياس إمّا أن تفيد تصديقا أو تخييلا يجري مجراه. والثاني هو الشعري ، والأوّل إمّا أن يفيد جزما أو ظنّا. والثاني هو الخطابة ، والأوّل إمّا أن يفيد يقينا فهو البرهان ، وإلاّ فإن اعتبر فيه عموم الاعتراف والتسليم فهو الجدل ، وإلاّ فمغالطة.
ومادّة الشعر هي المخيّلات ، ومادّة الخطابة هي المظنونات ، ومادّة المغالطة هي المشبّهات ، ومادّة البرهان والجدل هي المسلّمات ؛ فالصناعات خمس حاصلة من أربع كما أشرنا.
والأولى جعل الموادّ البعيدة أيضا خمسا بجعل مادّة البرهانيّات اليقينيّات ، وجعل مادّة الجدل المسلّمات وما بقي كما ذكر.
وكيف كان فيرد ما في شرح الفاضل القوشجي من أنّه لا اختصاص لهذا التقسيم بالاقتراني ، كما هو ظاهر المتن ، بل الاستثنائي أيضا ينقسم إلى هذه الأقسام (١).
قال : ( والثاني متّصل وناتجه أمران ، وكذا غير الحقيقي من المنفصل ومنه ضعفه ).
أقول : الثاني هو القياس الاستثنائي ، وهو ضربان :
الأوّل : أن تكون مقدّمته الشرطيّة متّصلة ، وينتج منها قسمان :
أحدهما : استثناء عين المقدّم ، فالنتيجة بعين التالي.
والثاني : استثناء نقيض التالي المنتج لنقيض المقدّم.
والثاني : أن تكون منفصلة ، وهو قسمان أيضا :
أحدهما : أن تكون غير حقيقيّة.
والثاني : أن تكون حقيقيّة.
__________________
(١) راجع « شرح تجريد العقائد » : ٢٧٠.