قال : ( ولا استبعاد في تماثلها ).
أقول : ذهب قوم من المعتزلة (١) إلى أنّ أفراد القدرة مختلفة. وهو مبنيّ على أصل لهم ، وهو : أنّه لا تجتمع قدرتان لقادر واحد على مقدور واحد ، وإلاّ لأمكن اتّصاف ذاتين بهما ، فيجتمع على المقدور الواحد قادران ، وهو محال ؛ لما مرّ.
وإذا ثبت امتناع اجتماع قدرتين على مقدور [ واحد ] (٢) ثبت اختلاف القدرة ، بمعنى أنّ قدرة شخص على مقدور يمتنع أن تكون متماثلة لقدرة الآخر ؛ لأنّ التماثل في المتعلّق يستلزم اتّحاد المتعلّق ؛ لاتّحاد الاقتضاء.
ونحن لمّا جوّزنا تعلّق القادرين بمقدور واحد اندفع هذا الدليل ، وحينئذ يجوز وقوع التماثل فيها كغيرها من الأعراض ؛ لأنّ حال القدرتين كحال القادرين ، فيجوز تعلّقهما بمقدور واحد شخصيّ تبادلا لا تناولا ، فإذا وقع بإحداهما امتنع أن يقع بالأخرى ؛ لما سبق.
قال : ( وتقابل العجز تقابل الملكة والعدم ).
أقول : هذا إشارة إلى بيان ما هو الحقّ فيما اختلفوا فيه من أنّ التقابل بين القدرة والعجز تقابل التضادّ أو تقابل العدم والملكة ؛ إذ العجز عند الأوائل وبعض المعتزلة (٣) ـ على ما حكي ـ عدم القدرة عمّا من شأنه أن يكون قادرا ، فهو عدم ملكة القدرة.
وذهب الأشعريّة وجمهور المعتزلة (٤) ـ على ما حكي ـ إلى أنّه معنى يضادّ القدرة ؛
__________________
(١) انظر : « مناهج اليقين » ٨٢ ـ ٨٣ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١١٩ ـ ١٢٠ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٧٦ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٤٦.
(٢) الزيادة أضفناها من « كشف المراد ».
(٣) نقل عن أبي هاشم والأصمّ في « شرح المواقف » ٦ : ١٠٦ ، وعن أبي هاشم في « شرح المقاصد » ٢ : ٣٦١ و « شرح تجريد العقائد » : ٢٧٦.
(٤) نقل عن الأشاعرة فقط في « المحصّل » : ٢٥٥ ، وعنهم وعن جمهور المعتزلة في « شرح المواقف » ٦ : ١٠٦ ، وعن بعض المعتزلة في « شرح الأصول الخمسة » : ٤٣٠ ، وعن الأشاعرة وأبي عليّ وأبي هاشم في أحد أقواله في « مناهج اليقين » : ٨٥.