وأيضا قد تحصل اللذّة من غير سابقة ألم أو حالة غير طبيعيّة ، كما في مطالعة جمال أو مصادفة مال من غير طلب ولو على الإجمال.
فيرد عليه :
أوّلا : منع أنّ اللّذة دفع الألم.
وثانيا : منع الانحصار فيه.
ولكن في عبارة الكتاب إشكال وخروج عن الصواب ؛ فإنّ الصحيح أن يقول : « إلى » مكان « عن » أو نحو ذلك.
اللهمّ إلاّ أن تكون « عن » بمعناها ، كما تكون بمعنى « بعد » في قوله تعالى : ( طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) (١) ونحوه.
قال : ( وقد يستند الألم إلى التفرّق ).
أقول : للألم ـ كما عن الشيخ (٢) وغيره (٣) ـ سببان : أحدهما : تفرّق الاتّصال ، فإنّ مقطوع اليد يحسّ بالألم بسبب تفرّق اتّصالها عن البدن.
وقد نازع في ذلك بعض المتأخّرين (٤) ـ على ما حكي ـ بأنّ التفرّق أمر عدميّ ، فلا يكون علّة للوجوديّ.
__________________
(١) الانشقاق (٨٤) : ١٩.
(٢) « الشفاء » الطبيعيّات ٢ : ٦٠ ـ ٦١ ؛ « المباحثات » : ٦٩ ، الرقم ٩٧.
(٣) لغير الشيخ في المقام أقوال : منها : أنّ السبب الذاتي هو تفرّق الاتصال ، نقلا عن جالينوس وأكثر الأطبّاء أو جميعهم والأوائل والمعتزلة أو بعضهم مثل القاضي عبد الجبار.
ومنها أنّ السبب الذاتي هو المزاج ، وإليه مال الفخر الرازي وجمع من المتأخّرين.
ومنها : أنّ كلاّ منهما يصلح سببا بالذات.
انظر : « المغني » ٩ : ١٣٧ و ١٦٠ ؛ ١٣ : ٢٧٢ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٥١٨ ؛ « المحصّل » : ٢٥٨ ؛ « نقد المحصّل » : ١٧١ ـ ١٧٢ ؛ « مناهج اليقين » : ١٢١ ـ ١٢٢ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ٢٨٧ ـ ٢٩٢ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٣٨ ـ ١٤٤ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٣٠ ـ ١٣٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٤٤ ـ ٤٤٥.
(٤) هو الفخر الرازي في « المحصّل » : ٢٥٨.