المنافع ودفع المضارّ ، فتكون الحياة مشروطة باعتدال المزاج ، وهي غير الحسّ والحركة وقوّة التغذية والتنمية ؛ لوجودها في العضو المفلوج والذابل من غير حسّ وحركة وتغذية وتنمية.
قال : ( فلا بدّ من البنية ).
أقول : هذا نتيجة ما تقدّم من اشتراط الحياة باعتدال المزاج ؛ فإنّ ذلك إنّما يتحقّق بالبنية ، وهي البدن المؤلّف من العناصر ؛ لأنّ المزاج لا يتصوّر إلاّ بتأليفها ، وهو ظاهر.
والأشاعرة (١) أنكروا ذلك وجوّزوا وجود حياة في محلّ غير منقسم بانفراده كما حكي. وهو ظاهر البطلان.
قال : ( وتفتقر إلى الروح ).
أقول : المراد أنّ الحياة تفتقر إلى الروح الحيواني ، وهي أجسام لطيفة متكوّنة من بخار الأخلاط السارية في العروق ، ينبعث من القلب من التجويف الأيسر ويسري إلى البدن في عروق نابتة من القلب تسمّى بالشرايين. وحاجة الحياة إليها ظاهرة.
قال : ( وتقابل الموت تقابل العدم والملكة ).
أقول : الموت هو عدم الحياة عن محلّ وجدت فيه ، فهو مقابل للحياة مقابلة العدم والملكة ، كالعمى بعد البصر ، لا كمطلق العمى ، فلا يكون عدم حياة الجنين موتا وإن أطلق عليه مجازا.
وذهب أبو عليّ الجبّائي ـ على ما حكي (٢) ـ إلى أنّه معنى وجوديّ يضادّ الحياة ؛ لقوله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ ) (٣) فإنّ الخلق يستدعي الإيجاد المستلزم
__________________
(١) انظر : « المحصّل » : ٢٤٢ ؛ « شرح المواقف » ٥ : ٢٩٣ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٢٩٤ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٣.
(٢) نقله في « المحصّل » : ٢٤٠ من دون نسبته لأحد ، وفي « مناهج اليقين » : ٧٥ نقله عن أبي عليّ وأبي القاسم البلخي ، ونسبه إلى القيل في « شرح المواقف » ٥ : ٢٩٥ و « شرح المقاصد » ٢ : ٢٩٦ و « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٣ و « شوارق الإلهام » : ٤٤٨.
(٣) الملك (٦٧) : ٢.