وهاهنا إشكال محكيّ عن الإمام (١) ؛ فإنّ المتضادّين يدخلان تحت جنس واحد ، فالصحّة دخلت في الحال والملكة ، وكذا المرض ، لكن أجناس المرض المفرد ثلاثة : سوء المزاج ، وسوء التركيب ، وتفرّق الاتّصال.
فسوء المزاج إن كان هو الحرارة الزائدة ـ مثلا ـ فمن الكيفيّات الفعليّة أو المحسوسة ، لا من الكيفيّات النفسانيّة المنقسمة إلى الحال والملكة. وإن كان هو اتّصاف البدن بها ، فمن مقولة « أن ينفعل ».
وسوء التركيب عبارة عن مقدار أو عدد أو وضع أو شكل أو انسداد مجرى يخلّ بالأفعال ، ولا شيء منها بحال ولا ملكة ؛ لأنّ المقدار والعدد من الكمّيّات ، والوضع مقولة برأسها ، والشكل من الكيفيّات المختصّة بالكمّيّات ، والانسداد من الانفعال.
وتفرّق الاتّصال عدميّ لا يدخل تحت مقولة ، وإذا لم يدخل المرض تحت الحال والملكة ، لم تدخل الصحّة تحتهما ، لكونها ضدّا له.
وأجيب (٢) بأنّا لو سلّمنا كون التضادّ حقيقيا فإنّ [ في ] تقسيم المرض إلى ما ذكر تسامحا ، والمقصود أنّه كيفيّة نفسانيّة تحصل عند هذه الأمور وتنقسم باعتبارها.
والصحّة كيفيّة حاصلة عند اعتدال المزاج ، فتأمّل.
قال : ( والفرح والغمّ ).
أقول : الفرح أحد الكيفيّات النفسانيّة وكذا الغمّ.
والسبب المعدّ في الفرح كون الروح على أفضل أحواله في الكمّ والكيف وتخيّل النفس الكمال. وأضداد هذه أسباب الغمّ.
قال : ( والغضب والحزن والهمّ والخجل والحقد ).
أقول : هذه أيضا من الأعراض النفسانيّة التي تستلزم حركة الروح إمّا إلى داخل
__________________
(١) « المباحث المشرقيّة » ١ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦.
(٢) انظر : « شرح المواقف » ٦ : ١٤٧ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٣٧٩ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٥٠.