التضادّ منتف عن الاستقامة والاستدارة العارضتين للخطّ المستقيم والمستدير ، أو بمعنى أنّ التضادّ منتف عن الحركتين الواقعتين على الخطّين : المستقيم والمستدير.
وأورد (١) على ذلك : بأنّ الدائرة سطح مستو ، وهو موضوع لمحيطه الذي هو خطّ مستدير. وبأنّ الخطّ المستقيم قد يوجد في السطح غير المستوي ، كما في محيط الأسطوانة والمخروط. وبأنّ عدم تضادّ المعروضين لا يستلزم عدم تضادّ العارضين ؛ فإنّ الأسود والأبيض لا يتضادّان ؛ لصدق الجوهر عليهما مع تحقّق التضادّ بين السواد والبياض ، ولهذا قيل (٢) : لعلّ مراد المصنّف أنّ المستقيم لا يضادّ المستدير ، بل الاستقامة لا تضادّ الاستدارة ؛ لأنّ كلّ خطّ مستقيم يمكن أن يكون وترا لقسيّ غير متناهية ، فلو كان المستقيم ضدّا للمستدير ، لكان للمستقيم الواحد بالشخص أضداد غير متناهية هي المستديرات المذكورة ، وذلك باطل ؛ إذ ضدّ الواحد واحد ، وليس بعضها أولى من غيره ، فليس ضدّا لشيء منها ، فتأمّل.
قال : ( والشكل هيئة إحاطة الحدّ أو الحدود بالجسم ، ومع انضمام اللون تحصل الخلقة ).
أقول : ذكر القدماء أنّ الشكل ما أحاط به حدّ واحد كما في الكرة ، أو حدود كما في غيرها (٣).
والتحقيق أنّه من باب الكيف ، وأنّه يعرض للجسم بسبب إحاطة الحدّ الواحد أو الحدود به ، كالكرويّة والتربيع.
وأورد على التخصيص بالجسم : بأنّ الدائرة إحاطة الحدّ بالسطح لا بالجسم (٤).
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، ونسب الإيراد الأوّل إلى القيل.
(٢) القائل هو الفاضل القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٧.
(٣) « الشفاء » المنطق ١ : ٢٠٥ وما بعدها ؛ « النجاة » : ١٣٥ ؛ « التحصيل » : ٣٨٦ ـ ٣٩٧ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٥٤٥ ـ ٥٤٦ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٦١٣ وما بعدها ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ؛ « شرح الهداية الأثيرية » : ٣٩ و ٦٨ ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ١ : ١٠٣٩.
(٤) انظر : « شرح المقاصد » ٢ : ٣٨٦ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٧ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٥٢.