الشيء إلى مكانه بالحصول فيه.
وبعبارة أخرى : كون الشيء في الحيّز ؛ ولهذا قد يعبّر عن الأين بالكون ، ويقسم إلى الأكوان الأربعة.
وبالجملة ، فالأين على قسمين :
الأوّل : الأين الحقيقي ، وهو نسبة الشيء إلى مكان خاصّ ، وكون الشيء في مكان لا يزيد عنه.
الثاني : غير الحقيقي ، وهو نسبة الشيء إلى مكان عامّ ، كقولنا : « زيد في الدار » وهذه النسبة مغايرة للوجود لكلّ واحد من الجسم والمكان ، ولا تقبل الشدّة والضعف ، كما لا يخفى.
قال : ( وأنواعه أربعة عند قوم هي : الحركة ، والسكون ، والاجتماع ، والافتراق ).
أقول : المراد أنّ أنواع الأين ـ الذي يقال له : الكون عند المتكلّمين (١) ـ أربعة : الحركة ، والسكون ، وهما حالتا الجسم بانفراده باعتبار المكان. والاجتماع والافتراق ، وهما حالتاه باعتبار انضمامه إلى العين (٢) من الأجسام ؛ لأنّ حصول الجوهر في الحيّز إمّا أن يعتبر بالنسبة إلى جوهر آخر أو لا ، وعلى الأوّل إمّا أن يكون بحيث يمكن أن يتوسّط بينهما ثالث فهو الافتراق ، أو لا وهو الاقتران. وعلى الثاني إن كان مسبوقا بحصوله في ذلك الحيّز ، فهو السكون ، وإن كان مسبوقا بحصوله في حيّز آخر فهو الحركة.
ولا يخفى أنّ الكون الأوّل قسم خامس من الأقسام ؛ ولهذا ذهب بعض المتكلّمين (٣)
__________________
(١) انظر : « المحصّل » : ٢١٧ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٥٧٨ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ٣٧٨ ؛ « الأربعين في أصول الدين » : ٢١ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٦٢ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٧٠ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٥٨.
(٢) كذا في الأصل ، وفي « كشف المراد » : ٢٦١ : « الغير » بدل « العين ».
(٣) هما أبو الهذيل وأبو عليّ في أحد قوليه. انظر : « التوحيد » : ٧٥ و ١٣١ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٢ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٦٩.