عبارة عن الانتقال عن مكان إلى مكان أو حال إلى حال أو نحو ذلك.
وقد تفسّر الحركة بأنّها صفة يكون الجسم بها أبدا متوسّطا بين المبدأ والمنتهى ، ويكون في كلّ آن في حيّز من غير أن يكون في حيّز آنين ، وتسمّى الحركة بمعنى التوسّط ، وهي كون الشيء بحيث أيّ حدّ من حدود المسافة يفرض لا يكون هو قبل آن الوصول إليه ولا بعده حاصلا فيه.
وقد تفسّر بكون الجسم فيما بين المبدأ والمنتهى بحيث أيّ آن يفرض يكون حاله في ذلك الآن مخالفة في آنين يحيطان به (١).
وأفاد صدر الحكماء في « الشواهد الربوبيّة » أنّ الحركة عبارة عن الخروج من القوّة إلى الفعل ، وأثبت الحركة في الجوهر الصوري ، مع أنّه لا بدّ في كلّ حركة من بقاء الموضوع بشخصه ؛ بناء على أنّ الجوهر ـ الذي وقعت فيه الحركة الاشتداديّة ـ نوعه باق في وسط الاشتداد وإن تبدّلت صورته الخارجيّة بتبدّل طور من الوجود بطور آخر أشدّ أو أضعف ، فتبدّل الوجود في الحركة الجوهريّة تبدّل في أمر خارج عن الجوهر.
ولا يخفى أنّ ذلك مبنيّ على القول بأصالة الوجود ، وأنّ وجود كلّ شيء تمام حقيقته ، ولا يصحّ ذلك إلاّ بالقول بوحدة الوجود ، وهو باطل ، بل كفر أشدّ من كفر النصارى واليهود ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قال : ( ووجودها ضروريّ ).
أقول : اتّفق أكثر العقلاء على أنّ الحركة موجودة ، وادّعوا الضرورة في ذلك.
وخالفهم جماعة من القدماء (٢) ، وقالوا : إنّها ليست موجودة.
__________________
(١) للتوسعة حول هذين التفسيرين راجع « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٨١ وما بعدها ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٦٧٢ ـ ٦٧٦ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٣٣ ـ ٣٣٧ ؛ « مناهج اليقين » : ٥٧ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٩٧ وما بعدها ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤١١ ـ ٤١٣.
(٢) منهم زينون الحكيم وبامنيدس. ولمزيد الاطّلاع حول هذا المبحث راجع « الشفاء » الطبيعيّات ٢ : ٧٩ وما بعدها ؛