واستدلّوا على ذلك بوجوه :
أحدها : أنّ الحركة لو كانت موجودة لكانت إمّا منقسمة فيكون الماضي غير المستقبل ، أو غير منقسمة فيلزم تركيبها من الأجزاء التي لا تتجزّأ ، واللازمان باطلان.
الثاني : أنّ الحركة ليست هي الحصول في المكان الأوّل ؛ إذ الجسم لم يتحرّك بعد ، ولا في المكان الثاني ؛ إذ الحركة انتهت وانقطعت ، ولا المجموع ؛ لامتناع تحقّق جزأيه معا في الوجود.
الثالث : أنّ الحركة ليست واحدة ، فلا تكون موجودة. وهذه الاستدلالات في مقابلة الحكم الضروري ممنوعة.
قال : ( ويتوقّف على المتقابلين والعلّتين والمنسوب إليه والمقدار ).
أقول : وجود الحركة يتوقّف على أمور ستّة :
أحدها : ما منه الحركة.
والثاني : ما إليه الحركة ، أعني مبدأ الحركة ومنتهاها.
[ و ] الظاهر أنّ مراده بالمتقابلين هذان ؛ لأنّ المبدأ والمنتهى متقابلان لا يجتمعان في شيء واحد باعتبار واحد.
والثالث : ما به الحركة ، وهو السبب ، وهو العلّة الفاعليّة لوجودها.
والرابع : ما له الحركة ، أعني الجسم المتحرّك ، وهو العلّة القابليّة.
وهذان هما المرادان بقوله : « والعلّتين ».
والخامس : ما فيه الحركة ، أعني المقولة التي ينتقل الجسم فيها من نوع إلى آخر.
والظاهر أنّه المراد بقوله : « والمنسوب إليه » ؛ اذ المقولة تنسب الحركة إليها بالقسمة.
__________________
« التحصيل » : ٤٢٠ ؛ « المحصّل » : ٢٧٠ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٦٧٣ ـ ٦٧٦ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٣٠ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٣٨ ـ ٣٤١ ؛ « مناهج اليقين » : ٥٧ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٩٨ ـ ٢٠٣ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤١١ ـ ٤١٣ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٩١ ـ ٢٩٣ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٦٢ ـ ٤٦٤.