والسادس : الزمان الذي تقع فيه الحركة. وهو المراد بقوله : « والمقدار » فإنّ الزمان مقدار الحركة.
قال : ( فما منه وما إليه قد يتّحدان محلاّ ، وقد يتضادّان ذاتا وعرضا »
أقول : المراد أنّ مبدأ الحركة ومنتهاها قد يتّحدان محلاّ ، بكون محلّهما واحدا لكن لا باعتبار واحد كالنقطة في الحركة المستديرة ؛ فإنّها بعينها مبدأ للحركة المستديرة ومنتهى لها ، لكن باعتبارين.
وقد يتغاير محلّهما كما في الحركة المستقيمة.
وقد يتضادّ المحلّ في المتكثّر إمّا ذاتا كالحركة من السواد إلى البياض ، أو عرضا كالحركة من اليمين إلى الشمال.
قال : ( ولهما اعتباران متقابلان أحدهما بالنظر إلى ما يقالان له ).
أقول : الذي فهمناه من هذا الكلام أنّ لكلّ واحد من المبدأ والمنتهى اعتبارين :
أحدهما على سبيل التضايف ، وهو اعتبار كلّ منهما بالقياس إلى ما يقال له ، أعني ذا المبدأ وذا المنتهى.
الثاني ما يكون على سبيل التضادّ ؛ وذلك لأنّ المبدأ لا يضايف المنتهى ؛ لانفكاكهما تصوّرا ، بل يضايف ذا المبدأ ؛ فإنّ المبدأ مبدأ لذي المبدأ ، وكذا المنتهى.
وأمّا اعتبار المبدأ إلى المنتهى فإنّه مضادّ له ؛ إذ ليس مضايفا ولا سلبا ولا إيجابا ولا عدما وملكة ، فلم يبق إلاّ التضادّ. وهذان الاعتباران ـ أعني التضايف والتضادّ ـ متقابلان.
واعلم أنّ هاهنا إشكالا (١) ، وهو أن يقال : الضدّان لا يعرضان لموضوع واحد مجتمعين فيه ، والمبدأ والمنتهى قد يعرضان لجسم واحد.
والجواب : أنّ الضدّين قد يجتمعان في جسم واحد إذا لم يكن الجسم موضوعا
__________________
(١) حول هذا الإشكال وجوابه انظر : « المباحث المشرقيّة » : ٦٨٣ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٦١ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢٤٤.