ثمّ إنّ الصورة الجسميّة إن اقتضت الحركة إلى جهة معيّنة لزم حركة كلّ الأجسام إليها ، وهو باطل بالضرورة. وإن كان إلى غير جهة معيّنة انتفت الحركة ؛ لعدم المرجّح.
وأشار إلى هذا الدليل بقوله : « وعمّ » أي وعمّ ما فرضناه معلولا ـ وهو الحركة ـ إمّا مطلقا أو إلى جهة معيّنة كما ذكرنا.
قال : ( بخلاف الطبيعة المختلفة المستلزمة في حال ما ).
أقول : هذا جواب عن إشكال (١) يرد على هذين الدليلين.
وتقريره أن نقول : الطبيعة قد تقتضي الحركة ، ولا يلزم دوامها بدوام الطبيعة ولا عمومها بعمومها.
وتقرير الجواب أن نقول : الطبائع مختلفة ، فجاز اقتضاء بعضها الحركة إلى جهة معيّنة ، بخلاف غيرها.
وإلى هذا أشار بقوله : « المختلفة ».
وأيضا : الطبيعة لم نقل إنّها مطلقا علّة للحركة ، وإلاّ لزم المحال ، بل إنّما تقتضيه في حال ما ، وهو حال خروج الجسم عن مكانه الطبيعي ، وأمّا حال بقاء الجسم في مكانه الطبيعي ، فلا يقتضي الحركة.
وإليه أشار بقوله : « في حال ما ».
قال : ( والمنسوب إليه أربع ؛ فإنّ بسائط الجواهر توجد دفعة ومركّباتها تعدم بعدم أجزائها ).
أقول : يريد بالمنسوب إليه ما توجد فيه الحركة على ما تقدّم تفسيره.
والمراد : أنّ الحركة تقع في أربع مقولات لا غير هي : الكمّ ، والكيف ، والأين ،
__________________
(١) أقاموا ـ هاهنا ـ أدلّة سبعة ، وللفخر الرازي إشكال على كلّ واحد منها. انظر : « المباحث المشرقيّة » ١ : ٦٧٦ ـ ٦٨١ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٥٠ ـ ٣٥٧ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢٢٤ ـ ٢٢٩ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤٣٠ ـ ٤٣١ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٩٤ ـ ٢٩٥ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٦٦.