والوضع ، ولا تقع في سوى ذلك.
أمّا الجوهر فقسمان : بسيط ومركّب.
فالبسيط يوجد دفعة ، فلا تتحقّق فيه حركة.
والمركّب يعدم بعدم أحد أجزائه ، وانعدام كلّ جزء منها دفعي ، فانعدام المركّب أيضا دفعي ، فنقول : إنّ المتحرّك باق حال الحركة ، والمركّب ليس بباق حال الحركة ؛ فلا تقع فيه حركة أيضا.
وبالجملة ، فالحركة الجوهريّة غير معقولة ؛ لأنّ الحركة تقتضي انعدام شيء ينتقل عنه وحدوث شيء ينتقل إليه ، وذلك يستلزم في الجوهر انتفاء الموضوع ولو بانتفاء جزئه وحدوث موضوع آخر ، فلا يكون المتحرّك باقيا في الحركة العرضيّة. وأمّا صيرورة العذرة دودا أو نحو ذلك كما في النطفة فهي استحالة لا حركة.
وظنّي أنّ ما يحكى من بعض (١) أهل الحكمة من القول بالحركة الجوهريّة لا يتمّ إلاّ بالقول بأصالة الوجود ووحدة الوجود (٢) وتنزّلاته وترقّياته من شأن إلى شأن ، كلّ يوم هو في شأن ، وذلك يستلزم الكفر والزندقة كما لا يخفى على من له فطانة.
قال : ( والمضاف تابع ).
أقول : المضاف لا تقع فيه حركة بالذات ؛ لأنّه تابع لغيره ، فإن كان متبوعه ومعروضه قابلا للحركة من جهة الشدّة والضعف قبلهما هو أيضا ، كانتقال الماء ـ الذي هو أشدّ سخونة من ماء آخر ـ من الأشدّيّة إلى الأضعفيّة مثلا ، وإلاّ فلا.
قال : ( وكذا متى ).
أقول : ذكر أنّه قال الشيخ في النجاة : « إنّ متى توجد للجسم بتوسّط الحركة ،
__________________
(١) هذا البعض هو صدر المتألّهين محمد بن إبراهيم الشيرازي الذي أثبت الحركة الجوهريّة في كتاب « الأسفار الأربعة » ٢ : ١٧٦ و ٣ : ٧٨ و ٨٥ و ٤ : ٢٧١ و ٥ : ٢٧٢ و ٦ : ٤٧ و ٨ : ٢٥٨ و ٩ : ١١٦.
(٢) تطلق عبارة « وحدة الوجود » على أيّة نظريّة تحاول تفسير الوجود بإرجاعه كلّه إلى مبدأ واحد ، وقد نشأت عدّة مدارس ومذاهب فكريّة في تاريخ الفلسفة فسّرت الوجود بتفسيرات مختلفة. راجع « الموسوعة الفلسفيّة العربيّة » ٢ : ١٥١٧.