قابل للانتقال من نوع منه إلى نوع آخر على التدريج.
واستدلّ على وقوع الحركة بهذا الاعتبار بوجهين :
الأوّل : أنّ القارورة إذا كبّت على الماء فإن كان بعد المصّ القويّ دخلها الماء ، وإلاّ فلا ، مع أنّ الخلاء محال على رأيهم ، فليس ذلك إلاّ لأنّ الهواء الذي في داخل القارورة له مقدار طبيعي ، وبسبب المصّ يخرج شيء من الهواء ، فيكتسب الباقي ـ لضرورة امتناع الخلاء ـ مقدارا أكثر غير طبيعي بالتخلخل ، فإذا كبّت القارورة على الماء أوجد البرد الذي في الماء تكاثفا في ذلك الهواء ، فصغر حجمه إلى مقداره الطبيعي ، فدخلها الماء بالمصّ.
الثاني : أنّ الآنية إذا ملئت ماء وشدّ رأسها شدّا محكما ، وغليت بالنار فإنّها تنشقّ ، وليس ذلك لمداخلة أجزاء النار ؛ لعدم الثقب في الآنية ، فبقي أن يكون ذلك لزيادة مقدار ما فيها من الماء بالتخلخل وازدياد الحجم بحيث لا تسعه الآنية فتنصدع.
وفيه : أنّه يجوز كون الانصداع من جهة ميل الأبخرة إلى الصعود ، فتدبّر.
قال : ( وحركة أجزاء المغتذي في جميع الأقطار على التناسب ).
أقول : هذا هو الاعتبار الثاني ، وهو الحركة في الكمّ باعتبار النموّ.
واعلم أنّ النامي يزداد جسمه بسبب اتّصال جسم آخر به ، وتلك الزيادة ليست مطلقا موجبة للنموّ ، بل إذا كانت المداخلة في جميع الأقطار بنسبة طبيعيّة فيخرج السمن ؛ لعدم كونه في جميع الأقطار ، وكذا الورم ؛ لعدم كونه على نسبة طبيعيّة.
وأمّا الذبول فهو انتقاص حجم الأجزاء الأصليّة للجسم بسبب ما ينفصل عنه في جميع الأقطار على نسبة طبيعيّة.
ويشهد على ما ذكرنا أنّ الواقف في النموّ قد يسمن ، كما أنّ المتزايد في النموّ قد يهزل ؛ وذلك لأنّ الزيادة إذا حدثت في المنافذ ودخلت فيها وشبهت بطبيعة الأصل واندفعت أجزاء الأصل إلى جميع الأقطار على نسبة واحدة في نوعه فذاك هو النموّ. والشيخ قد يسمن ؛ لأنّ أجزاءه الأصليّة قد جفّت وصلبت ، فلا يقوى