المفيد (١) على تفريقها والنفوذ فيها ، فلا تتحرّك أجزاؤه الأصليّة إلى الزيادة ، فلا يكون ناميا وإن تحرّك لحمه إلى الزيادة ، فيكون في الحقيقة نموّا في اللحم ، لكنّ المسمّى باسم النموّ إنّما هو حركة الأعضاء الأصليّة.
قال : ( وفي الكيف للاستحالة المحسوسة مع الجزم ببطلان الكمون والورود ، لتكذيب الحسّ لهما ).
أقول : لمّا فرغ من البحث عن الحركة في الكمّ شرع في الحركة في الكيف ، أعني الاستحالة.
واستدلّ على ذلك بالحسّ ؛ فإنّا نشاهد أنّه يصير الماء البارد حارّا على التدريج وبالعكس ، وكذا في الألوان وغيرها من الكيفيّات المحسوسة.
واعلم أنّ الآراء لم تتّفق على هذا ؛ فإنّ جماعة من القدماء (٢) ـ كما حكي ـ أنكروا الاستحالة ، وافترقوا في الاعتذار عن الحرارة المحسوسة في الماء إلى قسمين :
أحدهما : من (٣) ذهب إلى أنّ في الماء أجزاء ناريّة كامنة ، فإذا ورد عليه نار من خارج برزت تلك الأجزاء وظهرت.
والثاني : من ذهب إلى أنّ الأجزاء الناريّة ترد عليه من خارج وتداخله فيحسّ منه بالحرارة.
والقولان باطلان ؛ فإنّ الحسّ يكذّبهما :
أمّا الأوّل : فلأنّ الأجزاء الكامنة يجب الإحساس بها عند مداخلة اليد لجميع
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصحيح : « المغتذي ».
(٢) للتعرّف على الأقوال في هذه المسألة راجع « الشفاء » الطبيعيّات ٢ : ٧٧ ـ ٨٥ ؛ « النجاة » : ١٤٥ ـ ١٤٨ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٦٩٥ ـ ٧٠٠ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٨٠ ـ ٣٩٤ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢٠٩ ـ ٢١١ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤٢٠ ـ ٤٢٣.
(٣) عرفوا بأصحاب الخليط وأصحاب الكمون والبروز ، وهم انكساغورس وأصحابه كما في « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٢٧٨ ، وعند الإسلاميّين عرف بذلك إبراهيم النظّام وأصحابه كما في « الفرق بين الفرق » : ١٤٢ ؛ « الملل والنحل » ١ : ٥٦.