أجزاء الماء وتفريقها قبل ورود الحرارة عليه ، ولمّا لم يكن كذلك دلّ على بطلان الكمون.
وأمّا الثاني : فلأنّا نشاهد جبلا من كبريت تقرب منه نار صغيرة فيحترق ، مع أنّا نعلم أنّه لم يكن في تلك النار الصغيرة من الأجزاء الناريّة ما يلاقي الجبل ويغلب عليه حسّا.
قال : ( وفي الأين والوضع ظاهر ).
أقول : وقوع الحركة في هاتين المقولتين ـ أعني الأين والوضع ـ ظاهر ؛ فإنّا نشاهد المتحرّك من مكان إلى آخر ، ونرى أنّ الفلك يتحرّك من وضع إلى آخر من غير خروجه عن مكانه.
واعلم أنّ الحركة في الوضع وإن استلزمت حركة الأجزاء في الأين ، لكن ذلك باعتبار آخر مغاير لاعتبار حركة الجميع في الأين.
قال : ( وتعرض لها وحدة باعتبار وحدة المقدار والمحلّ والقابل ).
أقول : الحركة منها واحدة بالعدد ، ومنها كثيرة.
أمّا الواحدة فهي الحركة المتّصلة من مبدأ المسافة إلى نهايتها ـ وقد بيّنّا تعلّق الحركة بأمور ستّة ـ والمقتضي لوحدتها إنّما هو ثلاثة منها لا غير.
الأوّل : وحدة الموضوع ، وهو أمر ضروريّ في وحدة كلّ عرض ؛ لاستحالة قيام عرض بمحلّين.
وإليه أشار بقوله : « والمحلّ ».
الثاني : وحدة الزمان ، وهو كذلك أيضا ؛ لاستحالة إعادة المعدوم بعينه.
وإليه أشار بقوله : « المقدار ».
الثالث : وحدة المقولة التي فيها الحركة ؛ فإنّ الجسم الواحد قد يتحرّك في الزمان الواحد حركتين كحركتي كيف وأين.
وإليه أشار بقوله : « والقابل ».