بألف ألف مرّة ، وليس كذلك ؛ لأنّا نشاهد حركته سريعة في الغاية ، ولا نرى شيئا من السكنات المفروضة كما تقدّم في مسألة الجزء الذي لا يتجزّأ.
قال : ( ولا اتّصال لذوات الزوايا ، والانعطاف لوجود زمان بين آني الميلين ).
أقول : كلّ حركة يكون لها رجوع عن الصوب الذي كانت له إن كان رجوعها إلى الصوب الأوّل بعينه تسمّى حركة ذات انعطاف ، وإن كان إلى صوب آخر تسمّى ذات زاوية.
وقد اختلفوا [ في ] أنّ المتحرّك بين الحركتين متّصف بالحركة كما عن أفلاطون وأكثر المتكلّمين (١) ، أو بالسكون كما عن أرسطو وأتباعه (٢) ، واختاره المصنّف ، فأفاد أنّ كلّ حركتين مستقيمتين مختلفتين فإنّ بينهما زمان سكون ، كما بين الصاعدة والهابطة ؛ لأنّ لكلّ حركة علّة تقتضي إيصال الجسم إلى المطلوب ، والوصول موجود فعلّته كذلك ، وعلّته هي الميل ، فيكون للحركة الأولى ميل يقتضي الوصول ، وللحركة الثانية ميل يقتضي زوال الوصول ، فهنا ميلان ، وكلّ منهما في آن ، والآن الذي يوجد فيه الميل المقتضي للوصول ليس هو الآن الذي يوجد فيه ميل يقتضي المفارقة ؛ للقطع باستحالة اجتماع الميلين المتخالفين في آن واحد ، ولا يتّصل الآنان ، فلا بدّ من فاصل ، وهو زمان عدم الميل بين آني الميلين ، فيكون الجسم ساكنا فيه ، وهو المطلوب.
ويرد عليه منع عدم اتّصال الآنين ؛ لإمكان زوال الميل الأوّل بمجرّد الوصول وحدوث الميل الثاني بعده بلا فصل بالآن فضلا عن الزمان مع إمكان وحدة الميل المقتضي للحركة ذات الزاوية أو الانعطاف.
مضافا إلى أنّه لو فرض صعود الخفيف وهبوط الحجر الثقيل وتلاقيهما في
__________________
(١) « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٩ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٧٧ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٩٤ ـ ١٠٢ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٧٣٢ ؛ « مناهج اليقين » : ٥٨ ـ ٦٠ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٤٥٧ ـ ٤٦٥ ؛ « شرح حكمة العين » : ٤٥١ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢٥٥ ـ ٢٦١ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤٥٠ ـ ٤٥٥ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٨٤ ـ ٤٨٧.
(٢) « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٩ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٧٧ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٩٤ ـ ١٠٢ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٧٣٢ ؛ « مناهج اليقين » : ٥٨ ـ ٦٠ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٤٥٧ ـ ٤٦٥ ؛ « شرح حكمة العين » : ٤٥١ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢٥٥ ـ ٢٦١ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤٥٠ ـ ٤٥٥ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٨٤ ـ ٤٨٧.