تقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض ذاتيّ لا زمانيّ.
فغير وجيه. ويشهد على ذلك قوله : « لها » لا « له ».
وبالجملة ، فالزمان أمر ممتدّ غير المسافة تتقدّر به الحركة.
وقد يقال : إنّ الزمان كالحركة له معنيان (١) :
أحدهما : أمر موجود في الخارج غير منقسم ، وهو مطابق للحركة بمعنى التوسّط ، ويسمّى بالآن السيّال (٢) أيضا.
والثاني : أمر متوهّم لا وجود له في الخارج ، فيكون أمرا ممتدّا وهميّا للحركة بمعنى القطع.
قال : ( وإنّما تعرض المقولة بالذات للمتغيّرات وبالعرض لمعروضها ).
أقول : هذه المقولة التي هي المتى إنّما تعرض بالذات للمتغيّرات كالحركة ، وإنّما تعرض لغيرها بالعرض وبواسطتها ؛ فإنّ ما لا يتغيّر لا تعرض له هذه النسبة إلاّ باعتبار عروض صفات متغيّرة له ، كالأجسام التي تعرض لها الحركات ونحوها من الصفات المتغيّرة ، فتلحقها هذه النسبة.
قال : ( ولا يفتقر وجود معروضها وعدمه إليه ).
أقول : الذي فهمناه من هذا أمران :
أحدهما : أنّ وجود معروض المتغيّرات وعدمه لا يفتقر إلى الزمان ؛ لأنّه مقدار التغيّرات ، وهي متأخّرة عن المتغيّرات التي هي معروضها ؛ ضرورة تقدّم المعروض على عارضه ، والتغيّرات متقدّمة على الزمان ؛ لأنّ الشيء متقدّم على مقداره القائم به ، فتكون المتغيّرات أيضا متقدّمة على الزمان ؛ لأنّ المتقدّم على المتقدّم متقدّم ،
__________________
(١) انظر : « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ١٦٠ ـ ١٦٥ ؛ « النجاة » : ١١٥ ـ ١١٨ ؛ « التحصيل » : ٤٥٣ ـ ٤٦٤ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٧٧ ـ ٨٠ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٧٨٣ ـ ٧٨٧ ؛ « المطالب العالية » ٥ : ٨٣ ـ ٨٨ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٥٢٩ ـ ٥٣٤.
(٢) انظر : « المباحث المشرقيّة » ١ : ٧٨٦ ـ ٧٨٧ ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ١ : ٧٢ ـ ٧٥.