فلو افتقر وجود المعروض أو عدمه إليه لزم الدور.
الثاني : أنّ هذه النسبة ـ التي هي المقولة ـ عارضة للنسبتين اللّتين إحداهما الزمان ، فالزمان معروض لهذه النسبة ، ووجود هذا المعروض وعدمه لا يفتقر إلى الزمان ، وإلاّ لزم التسلسل.
قال : ( والطرف كالنقطة وعدمه في الزمان لا على التدريج ).
أقول : الطرف عبارة عن الآن ؛ فإنّه طرف للزمان ، والمعنى أنّ وجوده فرضي كوجود النقطة في الجسم ، على ما تقدّم في نفي الجوهر الفرد ؛ لأنّه حدّ مشترك بين الماضي والمستقبل ، والحدود المشتركة بين الكمّيّات المتّصلة ليست أجزاءها ، وإلاّ لما أمكن تقسيمها إلى ما أريد تقسيمها إليه ؛ لأنّ التنصيف يكون تثليثا والتثليث تخميسا وهكذا.
وقد وقع هناك معارضة بأنّ الآن جزء من الزمان ؛ لأنّ عدم الآن إمّا تدريجيّ أو دفعيّ ، والأوّل باطل ، وإلاّ لكان الآن زمانا منقسما لا آنا ، والثاني يقتضي أن يكون آن عدمه متّصلا بآن وجوده ، وإلاّ لزم أن لا يكون في الآن المتوسّط لا موجودا ولا معدوما ، وهو محال ، وتتالي الآنات يستلزم الزمان ، فالآن جزء من الزمان.
والمصنّف أجاب عن تلك المعارضة بقوله : « وعدمه في الزمان [ لا ] على التدريج » والمراد أنّ الشيء الدفعي قد يكون آنيّا لا زمانيّا ، ككون المتحرّك في حدّ معيّن من المسافة فيما بين المبدأ والمنتهى ، فإنّه يوجد في آن لا في زمان قطعا ، وقد يكون زمانيّا لا بمعنى الانطباق عليه ، بل على وجه يوجد في كلّ آن يفرض في ذلك الزمان ، ككون الشيء متحرّكا ، فإنّه زمانيّ يصدق على الجسم في كلّ آن يفرض من آنات زمان حركته ، فعدم الآن دفعيّ لا تدريجيّ ، وهو في الزمان الذي بعده ، لا بمعنى الانطباق عليه ليلزم انقسام الآن وكونه زمانا ، بل بمعنى أن لا يوجد في ذلك الزمان آن إلاّ ويكون عدمه فيه ، فالآن طرف لذلك الزمان وعدمه في جميع ذلك الزمان ، مع أنّ وجود الآن ليس في آن حتّى يتّصل آن عدمه بآن وجوده ، وإلاّ