[ المقدمة ]
ولا بدّ قبل الشروع في المقصود من تقديم مقدّمة نافعة مشتملة على أمور خمسة :
[ الأمر ] الأوّل : في تعريف علم الكلام.
اعلم أنّ العلم الباحث عن أحوال المبدأ والمعاد إمّا أن يكون بحثه على قانون العقل من غير ملاحظة كونه مطابقا للنقل ، أو على قانون العقل المطابق للنقل.
وكلّ منهما إمّا أن يكون بطريق النظر والفكر ، أو بطريق الكشف والرياضة.
والأوّل هو حكمة المشّاء ، والثاني من الأوّل هو حكمة الإشراق ، والأوّل من الثاني هو علم الكلام ، والثاني من الثاني هو علم التصوّف.
وكون علم التصوّف أو نحوه باحثا عن أحوال المبدأ والمعاد لا يستلزم حقّيّته ؛ لأنّ البحث قد يكون على وجه فاسد وإن كان اعتقاد الباحث أنّه بحث على قانون العقل المطابق للنقل العرفي أو الذوقي. ولو سلّم فلا يلزم حقّيّة جميع المذاهب كمذاهب علماء الكلام.
وبالجملة ، فعلم الكلام علم باحث عن أحوال المبدأ والمعاد على قانون العقل المطابق للنقل بطريق النظر والفكر.
ويسمّى علم الكلام ؛ لكونه سببا للقدرة على الكلام في الأحوال المذكورة التي هي أهمّ المقاصد حتّى كأنّه لا كلام غيره ، أو لأنّ مباحثه كانت مصدّرة بقولهم :