وقد يورد عليه بأنّ اتّحاد مفهوم العدم لا دخل له في الاستدلال ، بل على تقدير تعدّده كان بطلان الحصر أظهر ؛ إذ يزيد على هذا التقدير احتمال آخر ، مثلا : نقول في المثال المذكور : يجوز أن يكون زيد متّصفا بالعدم بمعنى آخر ، فالأولى أن يطرح من البين ويقال : لو لم يكن الوجود مشتركا ، لبطل الحصر العقلي ، ويساق الكلام إلى آخره.
ويمكن أن يجاب عنه بأنّ المراد أنّ مفهوم العدم واحد ، فلو لم يكن مفهوم الوجود أيضا واحدا ، لكان العدم الواحد نقيضا لكلّ من الوجودات المتعدّدة ، وذلك باطل ؛ لأنّ التناقض لا يكون إلاّ بين المفهومين كما أشرنا.
وعلى الثالث أنّ تقسيم الوجود بتأويل المسمّى به ؛ لاندفاعه بشهادة الوجدان على صحّة التقسيم باعتبار نفس مفهوم الوجود من غير ملاحظة مفهوم المسمّى وصدق لفظ الوجود.
وبالجملة ، فمن لا يسلّم الاشتراك في مطلق الوجود كما لا يسلّم الاشتراك في مطلق السلب ، بل المشترك عنده هو لفظ الوجود والسلب ـ كما حكى الفاضل القوشجي (١) ـ ضعيف جدّا.
وقد نظمت هذا المطلب بقولي :
وللوجود شركة معنى فلم |
|
يصغ إلى النفي لوحدة العدم |
وهكذا حالة الانقسام |
|
والجزم بالمطلق لا الأقسام |
المسألة الثالثة : في أنّ الوجود زائد على الماهيّات.
قال : ( فيغاير الماهيّة ، وإلاّ اتّحدت الماهيّات ، أو لم تنحصر أجزاؤها ).
أقول : اختلفوا في أنّ الوجود نفس الماهيّة أو زائد عليها؟
والظاهر أنّ الكلام في الوجود بمعنى منشأ الأثر ، لا بمعنى الكون والتحقّق ، كما لا يخفى.
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » : ٧.