فعن أبي الحسن الأشعري وأبي الحسين البصري وجماعة تبعوهما : أنّ وجود كلّ ماهيّة نفس تلك الماهيّة (١).
وقال جماعة من المتكلّمين والحكماء : إنّ وجود كلّ ماهيّة مغاير لها ، إلاّ واجب الوجود تعالى ؛ فإنّ أكثر الحكماء قالوا : إنّ وجوده نفس حقيقته. (٢) وسيأتي تحقيق كلامهم فيه.
وقد استدلّ الحكماء على الزيادة بوجوه :
[ الوجه ] الأوّل : أنّ الوجود مشترك ـ على ما تقدّم ـ فإمّا أن يكون نفس الماهيّة أو جزءا خارجيّا منها أو خارجا عنها.
والأوّل باطل ، وإلاّ لزم اتّحاد الماهيّات في خصوصيّاتها ؛ لما تبيّن من اشتراكه ووحدته.
والثاني باطل ، وإلاّ لم تنحصر أجزاء الماهيّة ، بل تكون كلّ ماهيّة على الإطلاق مركّبة من أجزاء لا تتناهى ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله.
بيان الشرطية : أنّ الوجود إذا كان جزءا من كلّ ماهيّة ، فإنّه يكون جزءا مشتركا بينها ، ويكون كمال الجزء المشترك ، فيكون جنسا ، فتفتقر كلّ ماهيّة إلى فصل يفصلها عمّا يشاركها فيه ، لكن كلّ فصل فإنّه يكون موجودا ؛ لاستحالة انفصال الموجودات وتقوّمها بالأمور العدميّة ، فيفتقر الفصل ـ من جهة كونه موجودا وكون الوجود جزءا مشتركا لكلّ موجود ـ إلى فصل آخر هو جزء منه ويكون جزءا من الماهيّة ؛ لأنّ جزء الجزء جزء أيضا موجود ، فيفتقر (٣) إلى فصل آخر ويتسلسل ، فتكون للماهيّات أجزاء لا تتناهى.
وأمّا استحالة اللازم ؛ فلوجوه :
__________________
(١) « شرح المواقف » ٢ : ١٢٧ ؛ « كشف المراد » : ٢٥.
(٢) « تلخيص المحصّل » : ٩٧ ؛ « شرح المواقف » ٢ : ١٣٥ ـ ١٣٦ ؛ « شرح المقاصد » ١ : ٣٠٨ ؛ « كشف المراد » : ٢٥.
(٣) في « كشف المراد » : ٢٥ ، العبارة هكذا : « فإن كان موجودا افتقر » بدل « موجود فيفتقر ».