قال : ( وتركّب الواجب ).
أقول : هذا وجه سابع ، وهو أنّ تركّب الواجب منتف ، وإنّما يتحقّق لو كان الوجود زائدا على الماهيّة ؛ لأنّه يستحيل أن يكون نفس الماهيّة ؛ لما تقدّم ، فلو كان جزءا من الماهيّة ، لزم أن يكون الواجب مركّبا وهو محال.
ويمكن جعل الأدلّة خمسة ، بجعل قوله : « وإلاّ لاتّحدت الماهيّات أو لم تنحصر أجزاؤها » إشارة إلى الدليل الأوّل ، كما مرّ. وقوله : « ولانفكاكهما تعقّلا » إشارة إلى الدليل الثاني ، كما تقدّم. وقوله : « ولتحقّق الإمكان » إشارة إلى الدليل الثالث ، كما سبق. وقوله : « وفائدة الحمل والحاجة إلى الاستدلال » إشارة إلى الدليل الرابع ، بجعل « فائدة الحمل » وجها لعدم العينيّة ، وقوله : « والحاجة إلى الاستدلال » وجها لعدم الجزئيّة ؛ لأنّ ذاتيّ الشيء بيّن الثبوت له. وجعل قوله : « وانتفاء التناقض وتركّب الواجب » إشارة إلى الدليل الخامس ، بجعل « انتفاء التناقض » وجها لعدم العينيّة ، كما مرّ ، وانتفاء تركّب الواجب وجها لعدم الجزئيّة ؛ إذ لو كان جزءا لكان مشتركا بين الواجب والممكن ، وكلّ ما له جزء فله جزء آخر بالضرورة ، فيلزم تركّب الواجب ، وهو محال.
قال : ( وقيامه بالماهيّة من حيث هي ).
أقول : هذا جواب عن استدلال الخصم على أنّ الوجود نفس الماهيّة.
وتقرير استدلالهم : أنّه لو كان زائدا على الماهيّة لكان صفة قائمة بها ؛ لاستحالة أن يكون جوهرا قائما بنفسه مستقلاّ عن الماهيّة ، واستحالة قيام الصفة بغير موصوفها ، وإذا كان كذلك فإمّا أن يقوم بالماهيّة حال وجودها أو حال عدمها ، والقسمان باطلان :
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ الوجود الذي هو شرط في قيام هذا الوجود بالماهيّة ، إمّا أن يكون هو هذا الوجود ، فيلزم اشتراط الشيء بنفسه ، أو يكون مغايرا له ، فيلزم كون الماهيّة موجودة قبل وجودها وقيام الوجودات المتعدّدة المتسلسلة بالماهيّة الواحدة ؛