أمّا الثاني ـ أي غير المعوضة ـ فمن أوضح وأجلى مصاديق الكليّة السلبية أي « ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده » لإقدام المالك على المجّانية ، وكون الإعطاء بلا قصد تعويض ، فيد القابض يد مأذونة فلا ضمان.
وأمّا الأوّل ـ أي المعوّضة ـ فإن كان العوض بإزاء الموهوب ففي الصحيح والفاسد في كليهما الضمان ، لأنّ المالك لم يقدم على الإعطاء مجّانا ، فلا مخصّص لعموم « على اليد ».
وإن كان العوض بإزاء هبة الآخر الشيء الفلاني ، بمعنى أنّه هبة بإزاء هبة ، لا الموهوب بإزاء الموهوب فلا ضمان لا في الصحيح ولا في الفاسد ، لأنّه لم يقصد بإعطائه المال الموهوب المبادلة والتعويض ، فهو في الحقيقة يرجع إلى أنّه أعطاه مجّانا وبلا عوض ، غاية الأمر اشترط عليه أن يهبه الشيء الفلاني ، فإن لم يفعل يكون للواهب خيار تخلّف الشرط.
ومنها : الصلح ، وهو أيضا على قسمين : بلا عوض ، ومع العوض.
فالأوّل حاله حال الهبة غير المعوّضة ، أي لا ضمان فيه لا في الصحيح منه ولا في الفاسد.
وأمّا الثاني ـ أي الصلح مع العوض ـ فحكمه حكم البيع فيكون مشمولا لكلتا القاعدتين ، أي الأصل والعكس.
أمّا الأصل : فلأنّ المفروض أنّ صلح المال الفلاني بعوض مسمّى معناه تضمينه بذلك المسمّى وتبديله به ، ولذلك ربما يقال إنّ الصلح الواقع على الأعيان المتموّلة بعوض مالي هو عين البيع وإن كان هذا غير صحيح ، لأنّ المنشأ بعقد الصلح هو عنوان التسالم ابتداء ، غاية الأمر التسالم على مثل هذه المبادلة ، وأمّا المنشأ بعقد البيع ابتداء هو نفس المبادلة ، فالنتيجة أنّ إقدام المالك في مثل هذا الصلح ليس مجانا وبلا عوض ، ففي صحيحة وفاسده الضمان.