نعم هناك شيء يجب التنبيه عليه وهو أنّ هذا الذي نقول من عدم جواز أخذ مطلق العوض على الواجبات فيما إذا كان الشيء واجبا بالمعنى الاسم المصدري ، وأمّا إذا كان واجبا بالمعنى المصدري فلا مانع من أخذ الأجرة عليه ، وسيأتي تفصيل هذا الكلام وتحقيقه عند التكلّم في الواجبات النظاميّة إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت ما ذكرنا فلا بدّ في تحقيق المقام من تمهيد مقدّمة ، وهي أنّه يشترط في صحّة عقد الإجارة ـ بل في سائر العقود المعاوضيّة التي تقع على الأعمال ـ أمور :
الأوّل : أن لا يكون سفهيّا ، أي يكون في العمل منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء تعود إلى المستأجر ، وإلاّ يكون أكل المال بإزائه أكل للمال بالباطل وهذا واضح جدا.
الثاني : أن يكون العمل ممكن الحصول للمستأجر لأنّ حقيقة الإجارة هي تمليك العمل للمستأجر بعوض مالي معلوم في إجارة الأعمال ، فإذا لم يكن هذا العمل قابلا لأن يملكه المستأجر فتكون هذه المعاوضة باطلة ، لأنّ حقيقة المعاوضة بين شيئين لا يتحقّق إلاّ بعد إمكان أن يدخل كلّ واحد من العوضين في ملك الآخر ، وهذا أمر زائد على الشرط الأوّل ، لأنّه من الممكن أن تعود منفعة العمل إلى شخص بدون دخول العمل في ملكه.
الثالث : أن يكون العمل مقدورا للعامل تكوينا وتشريعا ، وفعلا وتركا.
أمّا اشتراط القدرة التكوينيّة في العمل المستأجر عليه بالنسبة إلى العامل فمعلوم ، لأنّه لو كان عاجزا عن العمل ـ والمفروض أنّ الإجارة وقعت على عمله مباشرة ـ فلا يقدر على تسليم العمل الذي استؤجر عليه ، ومعلوم أنّ مثل هذه المعاملة لغو في نظر العقلاء ، ويكون من قبيل « وهب الأمير ما لا يملكه ».
وأمّا اشتراط القدرة التشريعيّة فلأنّ الشارع لو سلب القدرة في عالم التشريع عن مثل هذا العمل فيرى العامل في عالم اعتباره التشريعي عاجزا فيرى المعاملة باطلة.
فظهر أنّ صحّة المعاملة في باب إجارة الأعمال متوقّفة على أن يكون الأجير قادرا