ومن جملة الوجوه التي ذكروها في المقام هو الإجماع على عدم الصحّة.
ولكن أنت خبير أوّلا بأنّ الإجماع في أمثال هذه المسائل التي مدرك المجمعين ومستند المتّفقين معلوم ليس من الإجماع المصطلح عند المتأخرين الذي بنينا على حجيّته ، بل لا بدّ من الرجوع إلى مداركهم والنظر فيها ، وأنّها هل صحيحة هي أم لا؟
وثانيا : كيف يمكن تحصيل الإجماع في مثل هذه المسألة التي اختلاف الأقوال فيها بهذه الكثرة.
ومن جملتها منافاة أخذ الأجرة لقصد الإخلاص والقربة.
وأجاب عن هذا صاحب الجواهر قدس سرّه بأنّ الإجارة توجب تأكّد الإخلاص ، لأنّ الوجوب يتضاعف بسبب الإجارة (١).
وأورد عليه شيخنا الأعظم قدس سرّه في مكاسبه ، بأنّ العمل الذي ليس فيه أجر دنيوي ، وكون الداعي على إتيانه فقط هو امتثال أمر الله تعالى ، قطعا أخلص من العمل الذي فيه أجر دنيوي ، ويكون تمام الداعي أو بعضه على الإتيان ذلك الأجر ، بل إذا كان تمام الداعي ذلك الأجر الدنيوي فلا إخلاص فيه أصلا ، لا أنّ العمل المجرّد أخلص فقط (٢).
فالإنصاف أنّ أخذ الأجرة في العباديات ينافي الإخلاص وقصد القربة ، وإنكاره مكابرة.
ولكن هذا الدليل كما ذكره الشيخ الأعظم قدس سرّه أخصّ من المدّعى ، من جهة عدم شموله للتوصّليّات ، بل أعمّ من المدّعى من وجه ، لجريانه في المندوبات التعبّديّة التي هي مندوبة ومستحبّة على نفس الأجير (٣).
إن قلت : إن كان أخذ الأجرة ينافي الإخلاص فما تقول في العبادات المستأجرة
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٢ ، ص ١١٧.
(٢) « المكاسب » ص ٦٢.
(٣) المصدر.