المباشر بداع شهواني مثلا ، كيف يعقل أن يصير عباديّا بواسطة قصد القربة من شخص آخر.
وأمّا حديث بناء المسجد الذي يصدر من البنّاء بداعي أخذ الأجرة وهو الفاعل المباشر ـ ومع ذلك يصير قربيّا بواسطة صدور قصد القربة من الفاعل التسبيبي ، أي الذي يعطي الأجرة ـ فهو أجنبي عن المقام ، لأنّ العبادة هناك عبارة عن نفس التسبيب وصرف الدراهم والدنانير لأجل بناء المسجد ، فلو فعل هذه الأشياء بداع شهواني كالشهرة والسمعة ، أو الرياء وأمثالها لا يقع عمله عبادة ، لا عمل الأجير البناء فإنّ عمله لا يقع عبادة إذا كان بداعي أخذ الأجرة ، سواء أكان معطي الأجرة قاصدا للقربة في بذله أم لا.
وبعبارة أخرى : لو كان عمل الأجير في نفس المثل فرضا من العباديّات وقد أتى به بقصد أخذ الأجرة لا يقع صحيحا ، سواء قصد باذل الأجرة القربة أم لا. وحيث أنّه لا دليل على لزوم أن يكون البنّاء الصادر من البناء الذي يبنى المسجد قربيّا وعباديّا بل يكفي قصد القربة من الواقف لأنّ فعله ـ أي الوقف ـ عبادي ، لا فعل البنّاء ، فلا مانع للبناء الأجير أن يأخذ الأجرة ، لأنّ فعله ليس بعبادة ، ولا فرق بين أن يشتغل في بناء خان ، أو دكان ، أو مسجد من جهة عدم كون عمله عبادة في الجميع.
ومنها : أنّ أخذ الأجرة في باب العبادات المستأجرة على إهداء الثواب إلى المنوب عنه.
وهذا أعجب من سابقة وإن كان صادرا عن بعض الأعاظم قدسسرهم لأنّ المفروض صحّة الإجارة على العبادة الواجبة على الغير بحيث يشتغل ذمّة الأجير بما كان مشغول ذمّة المنوب عنه بعد الإجارة. ومسألة إهداء الثواب أجنبيّة عن هذا الباب بالمرّة ، فهو في الحقيقة اعتراف بالإشكال ، وعدم إمكان دفعة.
والصواب في الجواب هو ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سرّه في الجواب عن هذا