فالأوّل لا يصحّ أخذ الأجرة عليه ولو كان للعمل منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء.
وحاصل ما أفاد في وجه المنع أنّ مثل هذا العمل ليس بمحترم ، فأكل المال بإزائه أكل بالباطل ، لأنّه مقهور على إيجاده ، وليس له أن يتركه في عالم التشريع ، بل لو أراد أن يتركه يجبر على الإتيان من باب الأمر بالمعروف ، طاب نفسه على الإتيان أم لا ، وما هذا شأنه خارج عن تحت قدرته واختياره في عالم التشريع ، فلا يصحّ أخذ الأجرة عليه ، لما ذكرنا في المقدّمة من اشتراط صحّة الإجارة بأمور ثلاثة :
أحدها : أن يكون الأجير قادرا على إتيان العمل الذي يوجر نفسه عليه ، ولا فرق بين عدم القدرة التكوينيّة والتشريعيّة. ثمَّ يقول : لا فرق في هذا بين التعبّدي والتوصّلي ، غاية الأمر الواجب التعبّدي إذا كان عينيّا تعيينيّا يختصّ بوجه آخر.
مضافا إلى هذا الوجه وهو منافاة أخذ الأجرة مع الإخلاص وقصد القربة كما تقدّم.
ثمَّ يجيب عن النقض الوارد عليه بجواز أخذ الأجرة للوصي على عمله بعد أن أوقعه وعمل ـ مع أنّ العمل واجب عيني تعييني على الوصي بعد أن قبل الوصيّة ، أو وصل الخبر اليه بعد موت الموصي ـ بأنّه ليس من باب أخذ الأجرة وتحقّق المعاملة الخاصّة ، بل حكم شرعي أجاز الشارع أن يأخذ الوصي بدل عمله ، ولا ربط له بباب الإجارة أصلا.
هذا حاصل ما ذكره قدس سرّه في الواجب العيني التعييني ، وأمّا سائر شقوق الواجب وأقسامه فسننقل كلامه مع ما فيه إن شاء الله.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره شيخنا الأعظم قدس سرّه في مكاسبه في هذا المقام ، الذي نقلناه بطور الخلاصة والمعنى إلى هاهنا ، فيه مواقع للنظر.
أمّا أوّلا : قوله : إنّ كلّ ما له منفعة محللة عقلائيّة يجوز أخذ الأجرة عليه نقول : صرف هذا المعنى لا يكفي في صحة الإجارة ، بل يحتاج إلى أمرين آخرين :