والثاني : استحقاقه للأجرة.
وقد تقدّم الإشكال على شيخنا قدس سرّه حيث أنّه قال بإمكان التفكيك بين الاستحقاق للأجرة وسقوط الواجب عن عهدة الأجير.
هذا كلّه فيما إذا كان توصّليّا ، وأما إذا كان تعبّديّا ـ وذلك كغسل الميّت إذا تعيّن على شخص وتردّد الأمر بين أن يكون بماء الفرات أو بماء آخر مثلا ـ قال شيخنا قدس سرّه في هذا المقام أيضا : إن قلنا بكفاية الإخلاص في القدر المشترك ولو كان إيجاد الخصوصيّة لداع آخر فيجوز أخذ الأجرة على الخصوصيّة ، وإلاّ فلا (١).
وأنت خبير بأنّه لا وجه لعدم كفاية الإخلاص في القدر المشترك ، أترى أنّ أحدا يمكن أن يستشكل فيما إذا اختار المصلّي مكانا خاصّا لصلاته من جهة برودة الهواء وحسنها ، أو لداع آخر عقلائي فليس في المسألة إشكال من هذه الناحية أصلا ، بل الإشكال من الجهة التي تقدّمت في التوصّلي ، لأنّ ذلك الإشكال مشترك بين التوصّلي والتعبدي.
والحاصل أنّ اتّحاد الطبيعة مع الخصوصيّة في الوجود الخارجي لا يمنع من أن يكون قصدها للإخلاص وقصد الخصوصيّة لغرض آخر.
هذا كلّه كان في التخيير العقلي ، وأمّا التخيير الشرعي كخصال الكفّارة فهل يجوز أخذ الأجرة على اختيار أحد الأفراد ، أم لا؟
وليس في كلام شيخنا قدس سرّه تعرّض لهذا القسم أصلا.
والتحقيق فيه : أنّه إن قلنا بأنّ في التخيير الشرعي أيضا متعلّق الوجوب هو الجامع ، لامتناع قيام غرض واحد بالمتعدّد بما هو متعدّد ـ كما قيل ـ فمرجع التخيير الشرعي حينئذ إلى العقلي ، بل هو هو ، ويكون تسميته بالتخيير الشرعي من جهة خفاء الجامع عن نظر العرف وتصريح الشارع بالمصاديق ، فحاله حال التخيير العقلي
__________________
(١) « المكاسب » ص ٦٣.