ـ كما عرفت مفصّلا ـ بل هو هو.
ولكن هذا القول بمعزل عن التحقيق ، كما حقّق في محلّه في الأصول.
وإن قلنا بأنّ الواجب التخييري بالتخيير الشرعي عبارة عن تقييد إطلاق الواجب بعدم الاشتغال بعدله بمعنى أنّ كلّ واحد من الأفراد حقيقة متعلّق الوجوب ، غاية الأمر ليس وجوبه مطلقا بل مقيّد بصورة عدم الاشتغال بسائر الأفراد ، مثلا يجب إطعام ستّين مسكين أمّا لا مطلقا حتّى في صورة الاشتغال بأحد عدليه من صيام شهرين متتابعين أو تحرير رقبة ، بل مقيّد بصورة عدم الاشتغال بأحدهما ، فليس ملزما بإتيان أحد الأفراد بالخصوص ، ولا جامع في البين حتّى نقول ملزم بإتيان ذلك كما قلنا في التخيير العقلي ، فإذا لم يكن إلزام مطلق في البين فيبقى احترام عمله على حاله ، ولا يسقط بواسطة المقهوريّة.
وبعبارة أخرى : حيث أنّ الشارع لم يلزم المكلّف بخصوص أحد الأفراد بل جوّز الانتقال إلى بدله واختيار عدله ، فاختيار أيّ واحد من الأفراد والعدول يبقى على احترامه ، ويجوز أخذ الأجرة عليه.
وأمّا الواجب الكفائي إن كان تعبّديّا فالأمر فيه واضح أنّ أخذ الأجرة مناف للإخلاص ـ كما بيّنّا وعرفت ـ وإن كان توصّليّا قال الشيخ قدس سرّه : لا مانع من أخذ الأجرة ويقع العمل لباذل الأجرة لا للعامل (١).
ولكن أنت خبير بأنّ الكلام في أخذ الأجرة على ما هو الواجب على نفس الأجير ، يعني يأتي بما هو الواجب على نفسه ويأخذ الأجرة عليه ، فوقوع العمل لغيره ـ أي المستأجر ـ مع أنّه أتى بما هو واجب على نفسه خلف.
وبعبارة أخرى : لا يمكن أن يملك المستأجر العمل الذي واجب على الأجير ولو كان الوجوب كفائيّا بعين البرهان الذي تقدّم في الواجب العيني التعييني ، من أنّ
__________________
(١) « المكاسب » ص ٦٣.