ومنها ، أنّ الصلاة عمل كثير الأجزاء والشرائط ، فلو لم يعتبر الشارع الظنّ فيها يلزم الحرج ، وهو ينافي الآية والمستفيض من الرواية من نفي جعل الأحكام الحرجيّة في الدين.
وفيه : أنّ أدلّة نفي الحرج لا شك في حكومتها على إطلاقات وعمومات الأوّليّة ويرفع الحكم الحرجي ، ولكن ليس من شأنها إثبات الحكم ووضعه ، كما أنّ الأمر في قاعدة نفي الضرر أيضا كذلك ، فإنّها تنفي الحكم الضروري ولا تثبت حكما يلزم من عدم جعله الضرر. وشرحنا هذه المسألة مفصّلا في شرح هاتين القاعدتين في الجزء الأوّل من هذا الكتاب.
نعم ربما يكون الحرج النوعي علّة لجعل الحكم كالتيمّم لمن لا يقدر على استعمال الماء لفقده أو لمرض وكالتقصير المسافر ، ولكن ذلك يحتاج إثباته على وجود دليل لمثل هذا الجعل ، وبصرف وجود حرج النوعي لا يمكن إثبات ذلك الحكم.
هذا ، مضافا إلى عدم تسليم الصغرى وأنّه يلزم الحرج من عدم اعتبار الظنّ في الأفعال ، وأيّ حرج يلزم مع وجود قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز من عدم حجّية الظنّ في أفعال الصلاة.
ومنها : أنّه لا يجتمع اعتبار الظنّ في الركعة مع عدم اعتباره في أجزائها ، ويلزم التناقض.
بيان ذلك : أنّ الركعة ليست إلاّ مجموع أجزائها ، وليست من المركّبات الحقيقيّة بحيث يحصل من اجتماع الأجزاء وامتزاجها صورة نوعيّة ووحدة حقيقية ، بل ليست الركعة إلاّ مجموع الأجزاء المترتّبة في الوجود ، فعدم اعتباره في هذه الأجزاء باعتبار الجزئيّة ، واعتباره فيها باعتبار كونها ركعة متناقضان.
وفيه : أنّه من الممكن أن يكون هذه الأجزاء بشرط الاجتماع على الترتيب المعيّن موضوعا لاعتبار الظنّ فيها ، وبشرط عدم اجتماع الجميع على ذلك الترتيب تكون